للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الجوزي: تأملت عجباً، وهو أن كل شيء نفيس خطير، يطول طريقه ويكثر التعب في تحصيله، فإن العلم لما كان أشرف الأشياء لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار وهجر اللذات والراحة، حتى قال بعض الفقهاء: بقيت سنين أشتهي أكل الهريسة ولا أقدر؛ لأن وقت بيعها هو وقت سماع الدرس.

وقد أحسن من قال:

لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال

وقال أبو محمد الثقفي: سمعت جدي يقول:

جالست أبا عبد الله المروذي أربع سنين؛ فلم أسمعه طول تلك المدة يتكلم في غير العلم (١).

قال أبو أحمد نصر بن أحمد السمرقندي: لا ينال هذا العلم إلا من عطل دكانه، وخرب بستانه، وهجر إخوانه، ومات أقرب أهله فلم يشهد جنازته (٢).

قال ابن جماعة معلقاً على هذا الكلام: وهذا كله، وإن كانت فيه مبالغة، فالمقصود به أنه لابد لطلب العلم من جمع القلب واجتماع الفكر (٣).

قال الزبير بن بكار: قالت ابنة أختي لأهلنا: خالي خير رجلٍ

لأهله، لا يتخذ ضرةً ولا يشتري جارية. فقالت المرأة: لهذه الكتب


(١) معرفة علوم الحديث ص ٨٢.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ١٧٤.
(٣) تذكرة السامع والمتكلم ص ٧١.

<<  <   >  >>