للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الصحيح مجلسٌ لمذاكرة الحديث، فذكر له حديث لم يعرفه، فانصرف إلى منزله ودخل غرفته وأوقد السراج وقال لأهله: لا يدخلن أحد منكم علي في هذه الغرفة، فقالوا له: قد أهديت لنا سلة بها تمر، فقال: قدموها إلي، فقربوها إليه وانصرفوا، فجعل يبحث عن ذاك الحديث، ويأخذ تمرة تمرة يمضغها، فأصبح وقد فنى التمر، ووجد الحديث، فكان مرضه من تلك الأكلة ثم مات بسببها (١).

وقد ذكر الإمام الزرقاني أن يحيى بن يحيى الليثي كان تلميذاً عند إمام دار الهجرة مالك بن أنس في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء فيل عظيم بجانب المسجد، فخرج الطلاب لرؤيته ولم يبق إلا يحيى بن يحيى الليثي، فقال له الإمام مالك: لم لم تخرج لترى الفيل وهو لا يكون ببلادك؟ فقال يحيى: جئت من الأندلس لأراك لا لأرى الفيل، إنما رحلت لأتعلم من علمك وهديك، فأعجب به الإمام مالك وقال له: أنت عاقل الأندلس.

وأكثر أهل الدنيا اليوم يشدون الرحال ويفارقون الأوطان لرؤية الفيل والنعام! !

وهذا ابن المكوي القرطبي أحمد بن عبد الملك، وكان قد حبب إليه الدرس مدة عمره، لا يفتر عنه ليله ونهاره، وجعلت فيه لذته، حتى أنه في أحد الأعياد جاءه صديق له ليهنئه، فوجد بابه مفتوحاً

فدخل الدار وأرسل إليه خادمه ليخرج إليه، فأبطأ عليه ابن المكوي

ولم يخرج إليه، فأرسل إليه خادمه مرة أخرى، وبعد قليل خرج إليه


(١) تاريخ نيسابور.

<<  <   >  >>