للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ابن المكوي ومعه كتاب يقرأ فيه، ولم يشعر بصديقه الذي ينتظره حتى اصطدم به، لانشغاله بالقراءة في الكتاب، فانتبه ابن المكوي حينئذ وسلم على صديقه، واعتذر إليه عما حصل بأنه كان مشغولاً ببحث مسألة مهمة، فلم يتركها حتى فتحها الله عليه، فقال له صديقه: أتقرأ في يوم عيد ويوم راحة؟ ! فقال: والله ما لي راحة ولا لذة إلا في طلب العلم والنظر في الكتب.

وكان ابن المبارك يكثر من الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (١).

قال شقيق البلخي: قيل لابن المبارك: إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا؟ قال: أجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم؟ أنتم تغتابون الناس (٢).

وهذا طالب العلم يتحدث عن نفسه ويدفع التهمة بعيداً عن أرضه:

يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن أكرمته عزة النفس أكرما

ولم أقض حق العلم إن كنت كلما ... بدا مطمع صيرته لي سلما

وأكرم نفسي أن أضاحك عابساً ... وأن أتلقى بالمديح مذمما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما


(١) السير ٨/ ٣٨٢.
(٢) السير ٨/ ٣٩٨.

<<  <   >  >>