للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها للمسلم، ليتحقق فيه أنه من الفرقة الناجية.

ومن هنا ضلت طوائف قديمة وحديثة حينما لم يلتفتوا إلى مدلول الآية السابقة، وإلى مغزى حديث سنة الخلفاء الراشدين، فكان أمرا طبيعيا جدا أن ينحرفوا كما انحرف من سبقهم عن كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنهج السلف الصالح، ومن هؤلاء المنحرفين: الخوارج قديما وحديثا، فإن أصل التكفير الذي ذكرناه في هذا الزمان هو آية يدندنون حولها، ألا وهي قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: آية ٤٤]، ونعلم جميعا أن هذه الآية قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاثة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: ٤٧]، فمن تمام جهل الذين يحتجون بهذه الآية في اللفظ الأول منها {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، أنهم لم يلموا على الأقل ببعض النصوص التي جاء فيها ذكر لفظة الكفر، فأخذوها على أنها تعني الخروج من الدين، وأنه لا فرق بين الذي وقع في الكفر وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى الخارجة عن ملة الإسلام، بينما لفظة الكفر في لغة الكتاب والسنة لا تعني-دائما- هذا الذي يدندنون حوله، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ على كثيرين وهم بريئون منه، فشأن لفظة "الكافرون" من حيث إنها لا تدل على معنى واحد شأن اللفظين الآخرين " الظالمون" و"الفاسقون" فكما أن من وصف أنه ظالم أو فاسق لا يعني بالضرورة أنه مرتد عن دينه، فكذلك من وصف بأنه كافر سواء

<<  <   >  >>