للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إله إلا الله، فكف الأنصاري؛ فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله، قلت: كان متعوذا، فما زال يكررها؛ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم» متفق عليه (١)، وهذا لفظ البخاري.

وهذا يدل أعظم الدلالة على حرمة الدماء، فهذا رجل مشرك، وهم مجاهدون في ساحة القتال، لما ظفروا به وتمكنوا منه؛ نطق بالتوحيد، فتأول أسامة رضي الله عنه قتله على أنه ما قالها إلا ليكفوا عن قتله، ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم عذره وتأويله، وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين وعظيم جرم من يتعرض لها.

وكما أن دماء المسلمين محرمة فإن أموالهم محرمة محترمة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» أخرجه مسلم (٢). وهذا الكلام قاله النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم عرفة، وأخرج البخاري (٣) ومسلم (٤) نحوه في خطبة يوم النحر.

وبما سبق يتبين تحريم قتل النفس المعصومة بغير حق، ومن الأنفس المعصومة في الإسلام: أنفس المعاهدين، وأهل الذمة، والمستأمنين، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل


(١) أخرجه البخاري في "الصحيح" رقم (٤٠٢١) ومسلم في "الصحيح" رقم (٩٦).
(٢) أخرجه مسلم في "الصحيح" (١٢١٦).
(٣) "صحيح البخاري" (١٦٥٠).
(٤) "صحيح مسلم" (١٦٧٩).

<<  <   >  >>