للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا إلى بني إسرائيل، وإذا قال اليهودي أو النصراني: أنا مسلم، أو قال: أسلمت، لا يحكم بإسلامه؛ لأنهم يدعون ذلك لأنفسهم؛ لأن المسلم هو المستسلم للحق المنقاد له، وهم يدعون أن الحق ما هم عليه، فلا يكون مطلق هذا اللفظ دليل الإسلام في حقهم. انتهى ما في الذخيرة باختصار.

وقد حقق هذا المقام بما لا مزيد عليه الإمام شمس الأئمة السرخسي في شرحه على السير الكبير للإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة في آخر الكتاب في باب ما يكون به الرجل مسلما، فليراجعه من أراده، والله سبحانه أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(وسئلت) سنة ١٢٤٦ عن: رجل أوصى بألف، يخرج منها تجهيزه وتكفينه، والباقي يعمل بها مبرات، وأوصى لزيد بخمسمائة، ولعمارة مسجد كذا بخمسمائة، ولمسجد كذا بخمسمائة، وله مملوك قيمته خمسمائة، أعتقه في مرض موته، وأوصى له بألف وخمسمائة وخمسين، وبلغ ثلث تركته (٣٨٠٠)، وبلغت نفقه تجهيزه (٣٠٠) فكيف تقسم؟

(فأجبت): بأن التجهيز والتكفين يخرج من أصل المال، والباقي يحسب من الوصية، فيكون الباقي لعمل المبرات سبعمائة، ويكون جملة الوصية (٤٢٥٠)، وقد ضاق الثلث عنها فينفذ الثلث فقط، وهو ثلاثة آلاف وثمانمائة، والعتق المنجز في مرض الموت مقدم على غيره، فيبدأ به أولا، فيخرج من الثلث المذكور قيمته خمسمائة، يبقى من الثلث (٣٣٠٠)، تقسم على أرباب الوصايا من غير تقديم لأحد على أحد، أما زيد والمملوك؛ فلأنهما معينان، وأما المسجدان فهما معينان أيضا، فصارت الوصية لهما بمنزلة الوصية للعبد المعين، فيما يظهر لي بخلاف الوصية للمبرات فإنها حق الله تعالى، ليس لها مستحق معين، لكنها جنس واحد فلا يقدم فيها شيء على شيء، بخلاف ما إذا كانت من أجناس كالوصية للحج، والكفارات، والمبرات، فإنه يقدم فيها الفرض، ثم الواجب، ثم التطوع على ما تقرر في محله، وح فيقسم الباقي من الثلث على سهام، والوصايا وهي خمسة وسبعون سهما، كل سهم منها خمسون قرشا؛ لأن جملة الوصية (٤٢٥٠)، فأخرج منها أولا (٥٠٠) قيمة المملوك، فصار الباقي (٣٧٥٠)، وسهامها ما ذكرنا.

وإذا قسم (٣٣٠٠) الباقية من الثلث على خمسة وسبعين سهما، يخرج كل سهم أربعة وأربعين قرشا، فالوصية للمبرات، كانت (٧٠٠)، وهي أربعة عشر سهما يخصها (٦١٦)، ووصية كل من زيد والمسجدين كانت (٥٠٠)، فتكون كل واحدة عشرة أسهم، فيخص كل واحدة أربعمائة وأربعون، ووصية المملوك كانت (١٥٥٠)، وهي إحدى وثلاثون سهما، فيخصها (١٣٦٤)، والحاصل: أن كل سهم خمسون وكل سهم ينقص منه ستة قروش، والله سبحانه وتعالى أعلم.

<<  <   >  >>