علي، الجاري على سنن الفضل، ومذهب المجد، غريب ما كيفه القدر من تنويع الحال لديكم. وعجبت من تأتي أملكم الشارد فيه كما كنا نستبعده عند المفاوضة، فحمدت الله لكم على الخلاص من ورطة الدول على أحسن الوجوه، وأجمل المخارج الحميدة العواقب في الدنيا والدين، العائدة بحسن المآل في المخلف: من أهل وولد
ومتاع وأثر، بعد أن رضتم جموح الأيام، وتوقلتم قلل العز، وقدتم الدنيا بحذافيرها، وأخذتم بآفاق السماء على أهلها؛ وهنيئاً فقد نالت نفسكم التواقة أبعد أمانيها، ثم تاقت إلى ما عند الله؛ وأشهد لما ألهمتم للإعراض عن الدنيا ونزع اليد من حطامها عند الإصحاب والإقبال، ونهى الآمال، إلا جذباً وعناية من الله، وحباً؛ وإذا أراد الله أمراً يسر أسبابه.
واتصل بي ما كان من تحفى المثابة المولوية بكم، واهتزاز الدولة لقدومكم؛ ومثل تلك الخلافة، أيدها الله، من يثابر على المفاخر، ويستأثر بالأخاير. وليت ذلك عند إقبالكم على الحظ، وأنسكم باجتلاب الآمال، حتى يحسن المتاع بكم، ويتجمل السرير الملوكي بمكانكم، فالظن إن هذا الباعث الذي هزم الآمال، ونبذ الحظوظ، وهون المفارق العزيز، يسومكم الفرار إلى الله، حتى يأخذ بيدكم إلي فضاء المجاهدة،