والسند، ودخل الماء أيضاً، من جهة الغرب في خليج متضايق في الإقليم الرابع، ويسمى بحر الزقاق، تكون سعته هنالك ثمانية عشر ميلاً. ويمر مشرقاً ببلاد البربر، من المغرب الأقصى والأوسط وأرض إفريقية والإسكندرية. وأرض التيه وفلسطين والشام، وعليه في الغرب بلاد الإفرنج كلها، وخرج منه في الشمال
خليجان: الشرقي منهما خليج القسطنطينية والغربي خليج البنادقة، ويسمى هذا البحر البحر الرومي، والشامي.
ثم إن هذه السبعة الأقاليم المعمورة، تنقسم من شرقيها وغربيها بنصفين: فنصفها الغربي في وسطه البحر الرومي، وفي النصف الشرقي من جانبه الجنوبي البحر الهندي، وكان هذا النصف الغربي أقل عمارة من النصف الشرقي، لأن البحر الرومي المتوسط فيه، انفسح في انسياحه، فغمر الكثير من أرضه. والجانب الجنوبي منه قليل العمارة لشدة الحر، فالعمران فيه من جانب الشمال فقط، والنصف الشرقي عمرانه أكثر بكثير، لأنه لا بحر في وسطه يزاحم. وجانبه الجنوبي فيه البحر الهندي، وهو متسع جداً، فلطف الهواء فيه بمجاورة الماء، وعدل مزاجه للتكوين، فصارت أقاليمه كلها قابلة للعمارة، فكثر عمرانه. وكان مبدأ هذا العمران في العالم، من لون آدم صلوات الله عليه، وتناسل ولده أولاً في ذلك النصف الشرقي، وبادت تلك الأمم ما بينه وبين نوح، ولم نعلم شيئاً من أخبارها، لأن الكتب الإلهية لم يرد علينا فيها إلا أخبار نوح وبنيه، وأما ما قبل نوح فلم نعرف شيئاً من أخباره، وأقدم الكتب المنزلة المتداولة بين أيدينا التوراة، وليس فيها من أخبار تلك الأجيال شيء، ولا سبيل إلى اتصال الأخبار القديمة إلا بالوحي، وأما الأخبار فهي تدرس بدروس أهلها.
واتفق النسابون على أن النسل كله منحصر في بني نوح، وفي ثلاثة من ولده، وهم سام، وحام، ويافث، فمن سام: العرب، والعبرانيون، والسبائيون، ومن