وقدم لي شاه ملك، مركوباً، وبعث معي من بطانة السلطان من أوصلني إليه. فلما وقفت بالباب خرج الإذن بإجلاسي في خيمة هنالك تجاور خيمة جلوسه، ثم زيد في التعريف باسمي أني القاضي المالكي المغربي، فاستدعاني، ودخلت عليه بخيمة جلوسه، متكئاً على مرفقه، وصحاف الطعام تمر بين يديه،
يشير بها إلى عصب المغل جلوساً أمام خيمته، حلقاً حلقاً. فلما دخلت عليه فاتحت بالسلام، وأوميت إيماءة الخضوع، فرفع رأسه، ومد يده إلي فقبلتها، وأشار بالجلوس فجلست حيث انتهيت. ثم استدعى من بطانته الفقيه عبد الجبار بن النعمان من فقهاء الحنفية بخوارزم، فأقعده يترجم ما بيننا، وسألني من أين جئت من المغرب، ولما جئت، فقلت: جئت من بلادي لقضاء الفرض ركبت إليها البحر، ووافيت مرسى الإسكندرية يوم الفطر سنة أربع (وثمانين) من هذه المائة الثامنة، والمفرحات بأسوارهم لجلوس الظاهر على تخت الملك لتلك العشرة الأيام بعددها. فقال لي: وما فعل معك، قلت كل خير، بر مقدمي، وأرغد قراي، وزودني للحج، ولما رجعت وفر جرايتي، وأقمت في ظله ونعمته، رحمه الله وجزاه. فقال: وكيف كانت توليته إياك القضاء. فقلت: مات قاضي المالكية قبل موته بشهر، وكان يظن بي المقام المحمود في القيام بالوظيفة، وتحري المعدلة والحق، والإعراض عن الجاه، فولاني مكانه، ومات لشهر بعدها، فلم يرض أهل الدولة بمكاني، فأدالوني منها بغيري جزاهم الله. فقال لي: وأين ولدك، فقلت: بالمغرب الجواني كاتب للملك الأعظم هنالك. فقال وما