أبي عبد الله محمد بن خميس التلمساني، وكانا لا يجاريان في البلاغة والشعر إلى غير هؤلاء ممن كان مختصاً به، وقد ذكرهم ابن الخطيب في تاريخ غرناطة. فلما نكب الوزير ابن الحكيم، وعادت سبتة إلى طاعة بني مرين عاد عبد المهيمن إليها واستقر بها، ثم ولى السلطان أبو سعيد، وغلب عليه ابنه أبو علي، واستبد بحمل الدولة. تشوف إلى استدعاء الفضلاء، وتجمل الدولة بمكانهم، فاستقدم عبد المهيمن من سبتة، واستكتبه، سنة ثِنتَي عشرة؛ ثم خالف على أبيه سنة أربع عشرة، وامتنع بالبلد الجديد، وخرج منها إلى سجلماسة بصلح عقده مع أبيه، فتمسك السلطان أبو سعيد بعبد المهيمن، واتخذه كاتباً، إلى أن دفعه لرياسة الكتاب، ورسم علامته في الرسائل والأوامر، فتقدم لذلك سنة ثمان عشرة، ولم يزل عليها سائر أيام السلطان أبي سعيد وابنه أبي الحسن. وسار مع أبي الحسن إلى إفريقية، وتخلف عن واقعة القيروان بتونس؛ لما كان به علة النقرس. فلما كانت الهيعة بتونس، ووصل خبر الواقعة، وتحيز أشياع السلطان إلى القصبة، مع حرمه، تسرب عبد المهيمن في المدينة، منتبذاً عنهم، وتوارى في بيتنا، خشية أن يصاب معهم بمكروه. فلما انجلت تلك الغيابة، وخرج السلطان من القيراوان إلى سوسة، وركب منها البحر إلى تونس، أعرض عن عبد المهيمن، لما سخط غيبته عن قومه بالقصبة، وجعل العلامة لأبي الفضل ابن الرئيس عبد الله بن أبي مدين، وقد كانت مقصورة من قبل على هذا البيت، وأقام عبد المهيمن عطلاً من العمل مدة أشهر. ثم أعتبه السلطان، ورضي عنه، وأعاد إليه العلامة كما كان، وهلك لأيام قلائل بتونس في الطاعون الجارف سنة تسع وأربعين. ومولده سنة خمس وسبعين من المائة قبلها، وقد استوعب ابن الخطيب التعريف به في تاريخ غرناطة فليطالعه هناك من أحب الوقوف عليه.