وسلم أبو الفضل العباس، فهو ابن عمّ من ختمت به الرسالة والنبوة، وعمته بركة العمومة الزاكية والبنوَّة، السيد الكريم والسند العظيم الإمام بدر الدِّين أبو الفتح عبد الرحيم، فأنزلني بمنزل جوار منزله، وأنهلني من صافي منهله، وأغدق عليَّ سبب فضله وتفضله، فأقمنا بذلك المنزل حيناً من الدهر نحو شهر ونصف شهر، ثم انتقلنا إلى مكان نفيس لطيف حسن أنيس، أخلاه لنا داخل داره، بالقرب من مكانه الذّي هو مقيم به وجواره، فلم نزل مدة مقامنا في حماه وجواره، فكان لنا جاراً كجار إبي دُواد، وغمرتنا منه بوالغ نعم وسوابغ أياد، وأنالنا من شمول لطفه ولطف شمائله ما برَّد الكبد وأثلج الفؤاد، ومن القرب إلى حضرته ما خفف عن القلب حرّ نيران البعاد، أخالُني بمجالسته جليس القَعْقَاع بن شَوْر، وأقتطف من مؤانسته أنيق ثمر وأعبق نور، وأجتني من مفاكهاته الجنيات ما هو ألذ من فاكهة الجنات، وأتحلى بزلال بحره المتدفق الجاري، وأتجلّى بعقد نظمه الفائق على الدّرر بل الدراري، وأجمع من زهر منثوره ما فاق عَرار نجد، وسما على شذا البان والرند، وأربى على عرف النرجس والورد، وأنبسط في داره تبسطي في داري وأبلغ،