وأنشدني لسيدي الوالد شيخ الإسلام رضي الله عنه مما أنشده إياه، وكان قد رآه راكباً في موكب السائر شخصاً أسود يقال له عبد القادر العدويّ:
لما رأيت البدرَ سائر أسوداً ... في موكبٍ متلاطمِ الأمواجِ
ناديتهم لا تعجبوا من شأنِه ... البدرُ يسري مع ظلامٍ داجي
وحكى عن سيدي الوالد رضي الله عنه وأمدّنا بمدده في الدنيا والآخرة، أنّ ممّا وقع له معه وهو نازل عنده في بيته مختفياً في قَيْطُون بيت ابن حجر ببركة الرطلي من القَاهِرَة أنه كان كثيراً من الليالي ما يوقظه للقيام، ويسمع صوته عند رأسه يقول: يا هو قم. وبينه وبينه ثلاثة أبواب مغلقة، وأنه كان كثير التغلّق إذ ذاك، فقال له هذه خلوة حصلت لك فلا تخرج منها حتى تبلغ الأربعين فكان كذلك.
وحكى لي عنه رضي الله عنه أنه حكى له أنه كان مغرماً بحب الجمال، فأراه الله تعالى في عالم الحسن صورة حورية، فانتسخ ذلك من قلبه بالكليّة، وأخبرني أنه كان جالساً بحضرته يوماً، رضي الله عنه، فدخل رجل يقال له وفا الجوهريّ وهو من محبيه وهو متغير الوجه فسأله عن حاله، فقال: يا سيدي رأيت الليلة مناماً وأنسيته، فقال له رضي الله عنه وهو يضحك: أُخبرك به؟ فقال: نعم، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخبرك أن أجلك اقترب فتيقظ لنفسك، فصرخ وفا