للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

للسلو أو عيباً أركن به إلى الراحة والهدوء قال الاختبار لا سبيل إلى ذلك، وجعل يعرض عليّ من حسناتها ما جلى به ظلام الليل الحالك، ولولا أني أرجع إلى جميل الصبر بعد الذهاب، وأعلل النفس بتنفس الكرب بقرب الإياب، لأمسيت أثراً بعد عين، ولكنت أحد من قتله يوم البين:

البينُ جرَّعني نقيعَ الحنْظَلِ ... والبين أثكلني وإن لم أُثكلِ

ما حسرتي أَن كنتُ أقضي إنما ... حسرات قلبي أَنني لم أفعلِ

نقِّل فؤَادك ما استطعتَ من الهوى ... ما الحبُّ إلاّ للحبيبِ الأولِ

كم منزلٍ في الأرض يألفُهُ الفتى ... وحنينُهُ أبداً لأولِ منزِلِ

وهذه عادة الأيّام في اعتقاب تجميعها بتفريقها، وإسراقها كل نفس بريقها، لا تجمع شملاً إلاّ شتّته، ولا تصل حبلاً إلاّ بتّته، من أطاعها عصته، ومن داناها أقصته، ومن وصلها قطعته، ومن نزع إليها نزعته، ومن أرضاها أغضبته وأحرجته، ومن سكن دارها أزعجته وأخرجته، بصَّرنا الله تعالى بمعايبها، وأعاذنا من بلاياها ومصائبها بمنه وكرمه آمين، إنّه أرحم الراحمين.

ومما فتح الله به في تلك البيوت من الأبيات، ولولا تقريض السيد المولى لها لما

<<  <   >  >>