العساكر الأناظولية المنصورة، أدام الله بهجة الدنيا ببهجة سُلطانه، ووالى تمهيد ربوعه وتشييد أركانه، وضاعف السعد في أمره وشأنه، قد اعتنى بأمري غاية العناية، وحصل منه كل تعظيم ورعاية، وقررني في تدريس حسن جليل نفيس، ابتداءً منه من غير سؤال، ولا طلب ولا التماس بحال، هذا مع نزر اجتماعي عليه وعدم ملازمتي له وقلّة ترددي إليه، وإنّما كان كلام الباشا معه بسببي وتحريضه عليه بما يتعلق بي بسبب كتابة براءات بتجديد ما بيدي من الجهات وشؤون أخرى لا تبرز، وقد انقضى كل منها بحمد الله وتنجز.
ومنهم قاضي قضاة المسلمين وأولى وُلاة الموحدين، وينبوع العلم واليقين، العادل العدل في أحكامِه، والجزل في إقدامه، والمراقب لله في فعله وكلامه، عين إنسان الزمان، وإنسان عين البيان، قاضي القُسْطَنْطِينيّة سَعْدي بن عيسى بن أمير خان، ما قُرن به فاضِل في الرُّوم إلاّ رجحه، ولا أُلقي إليه مُبهم من العلم إلاّ كشفه وأوضحه، له صادقات عزائم، لا تأخذه في الله لومة لائم، إلى عفّة ونزاهة وإيابة، وهمّة عليّة وصيانة، وطلاقة وجهٍ وبشرة، وناء جميل يتضوّع نشره، مع خَلق وضيّ وخُلق رضي:
يقابلني له خلق وضي ... لصدق بشره خلق رضي
مع إجلال وتعظيم، ومبالغة في التكريم، واعتراف بالفضل الجسيم، عامله الله بفضله ولطفه العميم.