للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والسفن تعدو في العباب بنا ... والماء مرتفع ومُنْحدرُ

فكأنما أمواجهُ عكن ... وكأنما داراته سررُ

ومضى لنا يوم آخر في البرّ قد غاب عذاله، وكملت أوصافه وخلاله، وتم حسنه وجماله:

في رياضٍ من الشقائق أضْحَتْ ... يتهَادى بها نسيمُ الرِّياحِ

زُرْتها والغمَامُ يجلدُ منها ... زهَراتٍ تفوقُ لونَ الرّاحِ

قلْتُ: ما ذَنبها؟ فقال مجيباً: ... سرَقَتْ حُمْرَة الخدودِ الملاحِ

فنزلنا بها تحت سرحات مؤنقة، ودوحات مورقة، متضوعة بعرف الزهر معبقة، في أرض سندسيّة اللباس، ذات مطارف متنوعة الأجناس، بين خامات زرع تموج يدافعها موج البحر، وتلوح طلائعها من كتائب الزهر، فماء الندى مسكوب، ورواق الظل مضروب، والريح يصفق والغصن يتثنى والقُبَّر يصرصر والبلبل

يتغنى والحمام ينوح ويندب، ويشكو من جوى دهره ويعتب، فتذكرتُ به نوح الغريب بفقد بلاده، وتأوهه لنأيه عن أهله وأولاده، واندفع لسان الحال قائلاً في إنشاده، حاكياً ما

<<  <   >  >>