حتى عَنَّ لنا ما يقتضي المسارعة والبدار، إلى مدينة آق شهر وشهرتها عندهم أقشار، فوصلنا ذلك اليوم وهو الأحد ثاني الشهر آخر النهار. ونزلنا بعمارة حسين باشا بها، وهي عمارة بلغت في المحاسن النهى، قد كملت في صفاتها ونعوتها، وبها مياه تجري في مسجدها وبيوتها، وأقمنا بها بقية ذلك النهار، ثم ليلة
الاثنين ثالث الشهر إلى وقت الإسفار، ثم رحلنا منها حين أذكت ذُكاء قبتها علينا، وسفرت فكشفت عن صحبتها إلينا، وسرنا في ظل ظليل وزهر بليل وهواء صحيح ونسيم عليل إلى أن حان وقت المقيل، فنزلنا بمكان يقال له سكت لي أي موضع الصَّفْصَاف، وأقمنا إلى أن تجاوزَ النهار حَدَّ الانتصَاف، ثم أخذنا في التحميل والترحيل، ولم نزل بين وَخْد وذَمِيْل، وإجازة مِيل بعد مِيل، إلى أن وصلنا إلى قرية تلعى حين حان وقت الأصيل، وبدت الشمس بلون العليل، فنزلنا بشاطىء نهرها في ظل دوح ظليل:
تحسب النهر عنده تثنى ... وتخال الغصون فيه سيل
فبتنا بذلك المنزل بجانب النهر ليلة الثلاثاء رابع الشهر، فلمّا انفجر فجر ذلك