للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عقبة الكولك المارةِ النعت، ذات العوج والأمت، ووعُورة المنهج وصعوبة السمت، فأقمنا به إلى أن رأيت الفجر والنسر خاضب جناحه ورشا عليّ بالعنبر الورد:

وحَلّت يد الجوزاء عقد وشاحها ... إزاء الثريا وهي مقطوعة العقد

ثم قطعنا تلك العقبة وسلكنا مسالكها المستصعبة، ولم نزل نرقى فيها إلى أن بلغنا مراقيها وإذا هناك قلعة قد عقدت الجبلُ حبْوَتَها، وأزْلَقت الغُرابَ أن يَطأ ذُرْوتَها، وعَصَمَ سِوارُ الوادي الملويِّ مِعْصَمها، وحَمَتْ غُرر دهمائها أَدْهَمَها، فالخيلُ تصعد إليها أنجما بين طالع كطالِعها وغارب كغاربها، والأرجل منها على كرة لا تستقر بأخمص راجلها، ولا بحافر فرس راكبها، تأوي الطيور الكواسر لأدنى حافاتها، وتبلغ النفوس نهايتها عند موافاتها، وتزِلّ أقدام الصاعدين عن أكثر صفاتها، وتعجز أوصاف الواصفين عن بعض صفاتها:

يأوي إليها كُلُّ أعورَ ناعبٍ ... وتَهُبُّ فيها كُلُّ ريحٍ صَرْصَرِ

ويكاد من يرقى إليها مرَّة ... من دهره يشكو انقطاع الأبْهَرِ

<<  <   >  >>