للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولَمْ أَرْجُ إِلاَّ أَهْلَ ذاكَ ومَنْ يُرِدْ ... مَواطِرَ مِنْ غَيْرِ السَّحائِبِ يَظْلِمِ

يقول لكافور: أبا المسك أرجو منك نصرا على من أعاديه، واستظهارا على ما أحاوله وأرتجيه، وأؤمل بك عزا أصل به إلى ما أطلبه، وأظفر ما أحاوله وأرغبه، وأخضب السيوف بدماء المخالفين لي، وأعملها في قتل المعترضين علي.

ثم قال: وأرجو أن أدرك بك يوما أظهر فيه وأغلب، وأتمكن وأقدر، وأغيظ الحاسدين لي على فضلك، والمنافسين في تقلبك وبرك، وأقيم الشقاء بما أتقلده في ذلك اليوم من الحرب، واحمل نفسي عليه من الكره مقام التنعم واللذة، وأجعله بدل الرفاهية والراحة.

ثم قال: ولم أرج منك إلا أهل ما آمله، والجدير بتحقيق ما أرغبه، ومن يرد المطر من غير السحاب فقد أخطأ رأيه، واستبان لجميع الناس عجزه، وكذلك من يصرف أمله إلى غيرك في استحداث نعمة، واستجلاب سلطان ورفعة، فقد ضل عن رشده، وعمي عن سبيل قصده.

فَلَو لَمْ تَكْنْ في مِصْرَ سِرْتُ نَحْوها ... بقَلْبِ المَشُوقِ المُسْتَهَامِ المُتَيمِ

ولا نَبَحَتْ خَيْلي كِلابُ قَبَائِلٍ ... كَأَنَّ بِها في اللَّيْلِ حَمْلات دَيْلَمِ

ولا اتَّبَعَتْ آثارَنا عَيْنُ قَائِفٍ ... فَلَمْ تَرَ إِلاَّ حَافِراً فَوْقَ مَنْسِمِ

المشرق: الشديد الشوق، والمستفهام: الذي غلب الحب على عقله، والمتيم: الذي تعبده الحب، والديلم: طائفة معروفة من عجم المشرق، شديد بأسهم، والقائف: الذي يتبع الأثر، والمنسم: مقدم ثفنة البعير، وهي منه بمنزلة الظفر من الإنسان.

فيقول لكافور: فلو لم تكن في مصر ما قصدتها كلفا بقصدها. مشغوفا بالوصول إلى أرضها، أحن نحوها حنين المستهام إلى إلفه، المشوق المتيم إلى حبه.

ثم قال: ولولا ما آثرته من قصدك، وشغفت به من اعتماد أرضك، ما تجشمت

<<  <  ج: ص:  >  >>