للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: ويكون عند ذلك وليكما أشقى عدو لكما، ما تستعملانه في حربكما مما ذخرتماه من عتادكما، وما تستظهران به من خيلكما وسلاحكما، فبكما وبلبيكما استجير فيكما من هذه الحال ووحشتها، ومكروهها وسوء مغبتها.

هَلْ يَسُرَّنَّ بَعْدَ مَاضٍ ... ما تَقُولُ العُدَاةُ في كُلَّ نادِ

مَنَعَ الوُدُّ الرَّعَايَةُ والسُّؤْ ... دَدُ أَنْ تَبْلُغَا إلى الأَحْقَادِ

وحُقُوقٌ تُرَقَّقُ القَلْبَ لِلْقَلْ ... بِ ولَوْ ضُمَّنَتْ قُلُوبَ الجَمَادِ

النادي: المجلس يجتمع فيه القوم، والرعاية: المحافظة، والحقد: إضمار العداوة، وجمعه أحقاد، والجماد: ما لا يعقل ولا يحس كالصخور والجبال وما أشبهها، وجعل لها قلوبا على سبيل الاستعارة.

فيقول لكافور ولأبي القاسم: هل يسرن من يبقى منكما بعد صاحبه إذا فارقه على حال مشهورة من المقاطعة، وسبيل مكشوفة من المقاتلة، ما يقول به الأعداء في كل ناد من الأول التي لم أوجبها الشماتة، وتحمل عليها العداوة؟.

ثم قال: منع الود والرعاية، والكرم والسيادة، من أن تبلغا إلى الضغائن والحقد، وتقدح النميمة فيما بينكما من كرم العهد.

ثم قال: ويمنع من ذلك حقوق ترقق القلوب وتعطفها، وتعدل بها عن القطيعة وتصرفها، ولو ضمنت قلوب الجماد في قسوتها، وكانت على ما هي عليه من غلظها وخشونتها.

فَغَدَا المُلْكُ بَاهِراً مَنْ رَآهُ ... شَاكِراً ما أَتَيْتُما مِنْ سَدَادِ

فِيْهِ لأَيْديْكُما على الظَّفَرِ الحُلْ ... - وِ وَأَيْدي قَوْمٍ على الأكْبادِ

الباهر: الغالب، والسداد: الصواب.

فيقول مخاطبا لكافور وأبي القاسم: فغدا الملك بصلحكما وما أنعم الله به من التئام أمركما، باهرا لمن رآه بحسنه، غائظا لمن حاول أن يكيده ببغيه، شاكرا على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>