آثرتماه من الموادعة، مبتهجا بما احتملتما عليه من المسالمة.
ثم قال: قد تواصلت فيه أيديكما على الظفر والنصر، وتوافقت على مشكور الفعل، وأيدي الساعين بالفساد على أكبادهم، لشدة ألمها، وما أودعها الله باتفاقكما من تغيظها وسقمها.
كَسَفَتْ سَاعَةً كما تَكْسِفُ الشَّمْ ... سُ وَعَادَتْ ونُوْرُهَا في ازْدِيَادِ
الدولة: مدة سلطان الملك، والرأفة: الرحمة.
فيقول: وهو يشير إلى الدولة الإخشيدية: هذه دولة الكرم والتراحم والمجد والتعطف، والندى والبذل، والأيادي الجليلة والفضل، فكيف يجوز التقاطع على ولي نعمتها، ويظن الاختلاف برئيسي جملتها؟!
ثم قال: كسفت ساعة بما جرى بين كافور وأبي القاسم من الوحشة، وما أظهراه من الاختلاف والموجدة، ثم ذهب ذلك وانقطع، وعدم وارتفع، وعاد كل واحد منهما لصاحبه بأفضل عهده من مودته، وأنزل به أتم ما كان ينزله من ثقته، فعادت الدولة إلى بهجتها، وراقت بحسنها ونضرتها، كالشمس بأثر الانكساف، لم ينقص ضوءها، ولم يختل نورها، بل زاد ذلك وحسن، وخلص وتمكن.
فيقول مشيرا إلى كافور: يزحم ركن هذه الدولة الدهر على ما تكرهه، ويدافعها عما تحذره، بفتى من كافور، مشهور بالبأس والقوة، معلوم الإقدام والنجدة، يوقع بالمتمردين، ويستعلي مقدرته على المخالفين.