للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال: ألا ليت شعري هل أقول قصيدة، وآمالي متمكنة، ورغباتي متأتية، لا أشتكي الدهر ولا أظلمه، ولا أتعتب عليه ولا أجوره.

وَبي ما يَذُودُ الشَّعْرَ عَنَّي أَقَلُّهُ ... وَلَكِنَّ قَلْبِي يا بْنَةَ القَوْمِ قُلَّبُ

وَأَخْلاَقُ كَافُورٍ إِذا شِئْتُ مَدْحَهُ ... وإِنْ لَم أَشَأْ تُملِي عَلَيَّ وأَكْتُبُ

يذود: يدفع ويطرد، وابنة القوم: الأشراف، وأشار بإظهار الاستغناء عن ذكرهم إلى ما قصده من الاستغناء عن ذكرهم إلى ما قصده من الترفيع بأمرهم، والعرب تفعل ذلك، قال بعض الشعراء من همدان:

فَإِنَّ خُزَيْماً إِذْ رَجَا أَن يَرُدَّها ... وَيَذْهَبُ مَالي يابنةَ القَوْمِ عَالِمُ

والقلب: الحسن التقلب في الأمور.

فيقول مشيرا إلى ما قدمه من تشكي زمانه: وبي من اعتراض الدهر لي بصروفه، واعتماده إياي بخطوبه، ما يذود أقله الشعر ويطرده، ويمنع منه ويشرده، ولكن قلبي قلب لا يهن، وجريء لا يجبن، وأخلاق كافور الملك الذي عولت على قصده، واعتقلت آمالي بفضله، تسهل لي سبيل الشعر، وتنتهج لي طريق المدح، فإن حاولت مدحه، واعترضت عنه، فمكارمه تملي علي فأنا أكتب، ونعمه تتابع عندي وأنا أنظم.

إِذا تَرَكَ الإِنْسَانُ أَهْلاً وَرَاَءهُ ... وَيَمَّمَ كَافُوراً فَمَا يَتَغَرَّبُ

فَتًى يَمْلأُ الأَفْعَالَ رَأْيَاً وَحِكْمَةً ... وَبَادِرَةً أَحْيَانَ يَرْضَى وَيَغْضَبُ

يمم: بمعنى قصد واعتمد، والبادرة: ما يسبق من حده الرجل.

فيقول: إذا ترك الرجل أهله وبلده، وفارق إلافة ووطنه، ويمم كافورا بقصده، وبادر إليه بنفسه، فما يتغرب برحلته، ولا يستوحش لمن بعد عنه من أحبته.

ثم قال، وهو يريد كافورا: يشمل أفعاله برأيه وحكمته، ويملأها ببادرته وقوته، فينفذها على حسب ما يقصد، ويمضيها بمقدار ما يعتقد، في رضاه وسخطه،

<<  <  ج: ص:  >  >>