للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتقبله وغضبه، لا يرد أمره، ولا يعترض رأيه.

إِذا ضَرَبَتْ في الحَرْبِ بالسيْفِ كَفُّهُ ... تَبَينْتَ أَنَّ السَّيْفَ بالكَفَّ يَضْربُ

تَزِيْدُ عَطَايَاهُ على اللَّبْثِ كَثْرَةً ... وَتَلْبَثُ أَمْواهُ السَّحَابِ فَتَنْضُبُ

نضوب الماء: ذهابه.

فيقول: إذا ضربت كف كافور في الحرب بسيفه، وأمده بقوة ساعده، تبينت من سرعة قطعه، وبدا لك من نفاذ فعله، ما تعلم به أن السيف إنما يضرب على حسب الكف التي تمسكه، وينفذ بمقدار قوة الساعد الذي تصرفه.

ثم قال: تزيد عطايا كافور مع لبثها كثرة، وتكتسب بإقامتها قوة؛ لأنه يشفعها بمثلها، ولا يغفل عن مواصلتها وحفظها، وأمواه السحاب إذا لبثت تجف وتنضب، وإذا أقامت تعدم وتذهب، فعطاياه لا تقاومها الغيوث الساجمة، وكفاه لا تساجلها السحاب الهاطلة.

أَبا المِسْكِ هَلْ في الكَأسِ فَضْلٌ أَنَالُهُ؟ ... فَإِنَّي أَغَنَّي مُنْذُ حِيْنٍ وَتَشْرَبُ

وَهَبْتَ على مِقْدَارِ كَفَّيْ زَمَانِنَا ... وَنَفْسِي عَلَى مِقْدَارِ كَفَّيْكَ تَطْلُبُ

إِذا لَمْ تَنُطْ بي ضَيْعَةً أَو وِلايَة ... فَجُودُكَ يَكْسُونِي وَشُغْلُكَ يَسْلُبُ

نطت الشيء بالشيء إذا وصلته به، وعلقته منه.

فيقول لكافور: أبا المسك! قد أطربتك بما أهديت إليك من المدح، وسررتك بما نظمت فيك من الشعر، وصرت في ذلك كله كأني أغنيك وأنت تشرب، وأفرحك وأنت تطرب، فهل في كأس سرورك فضل أناله فأرتاح لنيله، وتخصني به فأسكن إلى مثله؟.

ثم قال: وهبت لي من جزيل عطاياك، وخولتني من كثير حبائك، بما غاية الزمان أن تجود كفاه بمثله، وتسمح للطالب ببذله، فإن كنت بلغت فيما بررتني به إلى المعهود من مواهب الرؤساء، وصلات كرائم الأمراء، فأنت أجلهم رتبة، وأثبتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>