للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَشَرَّقَ حَتَّى لَيْسَ لِلشَّرْقِ مَشْرِقٌ ... وَغَرَّبَ حَتَّى لَيسَ لِلغَرْبِ مَغْربُ

إِذا قُلْتُهُ لم يَمْتَنِعْ مِنْ وُصُولِهِ ... جِدّارٌ مٌعَلَّى أَو خِباءٌ مُطَنَّبُ

الجدار: الحائط، والخباء: معروف، وتطنيبه: مد حباله.

فيقول معتذرا مما تقدم له من الأشعار، فيمن مدحه قبل اجتماعه لكافور: ولكن الشقة طالت بيني وبينك، والمدة تراخت في لقائك، والملوك يتنافسون في مدحي لهم، ويحرصون على ترفيعي لهم، ولم أزل قبل لقائي لك أطالب بالشعر، وأفتش عن قوله، واضطر إليه، وأحمل على نظمه؛ فينتهبه الملوك بمبلغ جهدهم، ويختارون منه على مقدار وسعهم.

ثم قال: فسار في الناس باختياري للفظه، وطار الرواة به؛ لإبداعي في نظمه، فشرق حتى بلغ من المشرق أقصى غاياته، وغرب حتى بلغ من الغرب أبعد نهايته، فلم يبق لما بلغه من المشارق مشرق يتقدمه، ولا بقي لما أدركه من المغارب مغرب يؤممه. يريد: أنه أدرك أقصى الطرفين، وبلغ أبعد الغايتين.

ثم قال، وهو يشير إلى شعره: إذا قلته وأرسلته، ورويته واظهرته، لم يمتنع من وصوله جدار معلى في قصر، ولا خباء مطنب في قفر، وأشار بذكر الجدار والخباء إلى أن شعره يرويه البادي والحاضر، ويفضله البعيد والشاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>