به كواكب تتلو الثريا، وهما من منازل القمر، وليس في جميع المنازل منزلتان تتقارب تقاربهما، وتسمي العرب ما بينهما ضيقة، ويتشاءمون بمواجهتها عندما يعاونونه من أمورهم، ولذلك يقول الأخطل، وهو يهجو سعيد بن بيان التغلبي، وكان تزوج برة بنت أبي هانئ التغلبي، وكان الأخطل يشبب بها فقال:
والشواة: جلدة الرأس، والأقران: الأكفاء في الحرب، الواحد: قرن.
فيقول: إن شبيبا نفى برمحه وقع أطراف رماح أعاديه، واستظهر عليهم، وفتح دمشق التي كانوا تحصنوا منه فيها، ولم يعرج على التطير بالنجم والدبران ثقة بنفسه، وإدلالا بشجاعته وبأسه.
ثم قال: ولم يدر مع ما اتفق له من الغلبة، وتمكن له من الظهور والمقدرة، حين فتحه لدمشق، وملكه لها، وظفره بها، أن الموت قد أوفى على شواة رأسه، ينهض إليه بأسرع سعي، ويطلبه بأبلغ جهده، حتى كأنه طار نحوه لشدة مبادرته، واستعان بجناح يستعمله لقوة مسارعته.
ثم قال، وهو يريد شبيبا، ويخاطب كافورا: وقد قتل الأقران بمبارزته لهم، وإقدامه في الحرب عليهم، حتى قتلته بقوة إقبالك، وسعادة أيامك، بأضعف قرن كفاك أمره، وفي أذل مكان لقي به حتفه، وذلك أن شبيبا لما فتح دمشق، وتغلب على من كان فيها من أصحاب كافور، وقف تحت طاق من طيقانها، وانتشر أصحابه في أقطارها، ثم عاودوه فألفوه صريعا ميتا لا يعرف قاتله. فقيل إن امرأة دلت عليه من الطاق رحى، وقيل إنه أصيب بسهم، وقيل إن السرج ضربه بحركة الفرس الذي كان يركبه، والله أعلم بحقيقة ذلك. وإلى هذا أشار أبو الطيب في قوله: بأضعف قرن في أذل مكان.