الفطنة والفطانة: صدق الظن، وحسن المعرفة، والرشوة: العطاء يتقرب به طالب الحاجة، والثواب: الجزاء الجميل.
فيقول لكافور: اختصر السلام عليك مؤثرا للتخفيف عنك، والتزم السكوت لكيما لا أمونك باقتضاء جواب منك، واستعمل فيما بيني وبينك أفضل الأدب، وأرغب بنفسي عن مواجهتك بالطلب.
ثم قال: وفي نفسي حاجات لي قد أخرت قضاءها، وفيك فطانة لا غاية وراءها، وضرورتي فيما أرغبه إلى المسألة، وما أنت عليه مع ذلك من ثاقب المعرفة، بيان لا إضمار فيه، وخطاب لا خفاء عليه. يشير إلى الولاية والإقطاع اللذين قدم المسألة فيهما، وتأخر عنه كافور بما رغبه منهما.
ثم قال مشيرا إلى كافور: وما أجعل ما ابتغيه منك جزاء عن محبتي، ولا أسأل ذلك رشوة على موالاتي وطاعتي، فالحب الذي يقصد به الثواب ضعيف في نفسه، والود الذي تبغي عليه الرشوة لا يغتر بمثله، ولكنني أرغب أن يكون تشرفي بك بحسب ما اعتقده من التأمل لك.
وأْعْلِمَ قَوْمَا خَالَفُونِي، فَشَرَّقُوا ... وَغَرَّبْتُ: أَنَّي قد ظَفِرْتُ وَخًابوا
يقول: وما أردت فيما رغبته، ولا حاولت فيما سألته، إلا أن أدل عواذلي على قصدك، والمخالفين لي في الرحلة إلى أرضك، على أن رأيي في ذلك صواب لا تدفع صحته، ونجاح لا تمطل غبطته.
ثم قال: ولأعلم قوما خالفوني فيما أظهرته من التأميل لك، ونافروني فيما أنزلته من الثقة بك، فشرقوا راغبين عنك، وغربت راجيا في أن آخذ بحظي منك: أني قد ظفرت بما أملته، وخابوا مما وصلت إليه وأدركته.