من الشرف، وإنما يشرف الإنسان بنفسه، ويرفعه ما يتبين من فضله.
ثم قال: ولست اقنع من الشرف والفضل، واقتصر من الكرم والشرف، على أن أعزى إلى جد جليل قدره، وأنسب إلى أب رفيع ذكره، حتى أحرز الشرف، بما أحويه من كرم الخلال، واستحقه بما أحوزه من شرف الخصال.
وَلَمْ أَرَ في عُيوبِ النَّاسِ شَيْئاً ... كَنَقْصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
القضم من السيوف: الذي طال عليه الدهر فكسر حده، والكهام: الذي ينبو عند القطع، والسنام: أعلى الظهر.
فيقول: عجبت لمن يؤتى بسطة في جسمه، وجرأة من نفسه، ويعجز عن النفاذ في مطالبه، ويقصر عن التقدم في مذاهبه، فيكون ظاهره ظاهر السيف الكهام، وحقيقته حقيقة الصارم الحسام. وإنما أشار إلى نفسه في مقامه بمصر خاملا مع قدرته في غيرها على الظهور، مقيما مع قوته على التنقل والمسير.
ثم قال على نحو ما قدمه: وعجبت ممن يجد السبيل إلى معالي الأمور فلا يعمل في ذلك نفسه، ويستنفذ فيه جهده. وجعل المطي الذي ذكرها إشارة إلى المعنى الذي قصده.
ثم قال مؤكدا لما ذكره: ولم أر في عيوب الناس عيبا أظهر وأبين، وعجزا أبلغ وأمكن، من نقص من به على التمام أعظم قدرة، وخمول من له على الظهور أوفر قوة. وأشار بجميع هذا إلى نفسه، وإلى ما عليه في المقام بمصر من الإخلال لقدره.