طول المقام بها: ألا ليت شعر يدي هل لها سبيل إلى عدم التضجع في مصر، والتخلص منها بتصريف أزمة الإبل في السير، وأعنة الخيل في العدو، فأصير إلى ما اعتدته، وأعمل نفسي فيما عهدته وعرفته؟!
ثم قال: وهل تؤول الحال بي إلى أن أرمي ما أحاوله وأرغبه، وأهواه وأؤمله، براقصات من الإبل أحثها في السير، وأحهدها وأداومها به، واستعجلها حتى يصير لعابها على أزمتها كأنه حلي يشملها، ونظام يحسنها.
فَرُبَّتَما شَفَيْتُ غَلِيْلَ صَدْري ... بِسَيْرٍ أو قَنَاةٍ أو حُسَامِ
غليل الصدر: حرارته، والخطة: الحالة، والفدام: آلة تكون على فم الإبريق تصفى بها الخمر.
فيقول: فربتما شفيت صدري من حره، وداويته من سقمه، بسير استعمله في رحلة، وقناة أو سيف أصرفهما في غزوة.
ثم قال: ورب خطة ضيقة، صعبة متعذرة، خلصت منها بعزم نافذ، وأقدمت عليها بقلب صارم، واقتحمت بين شدائدها، ونفذت في مكارهها، وخرجت عنها خروج الخمر من الفدام، التي لا يمسكها بضيق مخارجه، ولا يوقفها بدقة مسالكه.
ثم قال: وفارقت الحبيب عند ذلك على عمل أذهلني عن مرغوب الوداع، وودعت البلاد على شغل عوقني عن معهود السلام، يريد: أنه على عادة من الوقوع تحت مخاوف الطلب، وعلى قوة من التقحم على مكاره الغرر.
يَقُولُ لِيَ الطَّبيبُ: أَكَلْتَ شَيْئاً ... وَدَاؤُكَ في شَرَابِكَ والطَّعَامِ
وما في طِبَّهِ أَنَّي جَوَادٌ ... أَضَرَّ بِجِسْمِهِ طُولُ الجَمَامِ
تَعَوَّدَ أَنْ يُغَبَّرَ في السَّرايا ... وَيَدْخُلَ مِنْ قَتَامٍ في قَتَامِ