يروعهم: يفزعهم، وصروف الدهر: ما يقع من حوادثه، والمجاهرة بالشيء: الإعلان به، والاغتيال: الإهلاك على غفلة، والشرف: ارتفاع المنزلة في الفضل، والتوقي: التوقع، والمهند: السيف، والأصم: اليابس، والكعب: العقدة الناشزة في آخر كل أنبوب من القناة، والعسال: المضطرب، وأراد الرمح بهذه الصفة.
فيقول مشيرا إلى فاتك، ومخبرا عن أعدائه: يروعهم منه ملك، هو كالدهر في قدرته عليهم، ونفاذ ما يريده فيهم، إلا أن ما يبعثه عليهم من صروفه، إنما يبعثه مجاهرا، ويمضيه على الأعداء مغالبه، والدهر يغتال بصروفه، ولا يؤذن بخطوبه، فجعل لفاتك على الدهر مزية بينة، وزيادة ظاهرة.
ثم قال: أناله من الشرف أعلى منازله، ومن السلطان أرفع مراتبه؛ إقدامه وجرأته، واقتحامه على المهالك وشدته، فما الذي ناله أعداؤه بتوقيهم لما أقدم عليه، وإبطائهم عما تسرع إليه؟
ثم قال: إذا الملوك تحلت بحسن الملبس، وقدرت لأنفسها الهيبة بجمال المنظر، كان فاتك المذكور حليته سيف مهند يتقلده، ورمح عسال يتحمله، يريد: أنه احتاز الرئاسة مغالبة بسيفه، واستحقها لشجاعة نفسه.