للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقطبهم وعمدتهم، والهول الذي ينميه من الحرب أهوال لا يعهد مثلها، ولا يشارك في شرفها وفضلها.

ثم قال: تملك الحمد وأحاط به، واحتازه وأصبح خالصا له، فما لأحد منه نصيب يعلم، ولا حظ يتبين ويعرف، وجعل ذكر الحاء والميم والدال إشارة [إلى] انفراده بجملته، واحتيازه لعامته.

ثم قال، مؤكدا لما قدمه: عليه من الحمد سرابيل مضاعفة، وحلل متتابعة؛ يشير إلى رغبته فيه، واستكثاره منه، وليس عليه من الدروع إلا سربال واحد؛ لأنه لا يكثر التوقع، ولا يحتفل في التحرز. فأشار إلى أنه مستكثر مما يشتمل به من كريم الذكر، ومستخف بما يدفع به عادية الحرب، فوصفه بالرغبة في الإحسان، وقلة التوقع عند لقاء الأقران.

وكَيْفَ أَسْتُرُ ما أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ ... وَقَدْ غَمَرْتَ نَوالاً أَيُّها النَّالُ

لَطَّفْتَ رَأيَكَ في وَصْلي وَتَكْرُمَتِي ... إنَّ الكَرِيْمَ عَلى العَلْيَاءِ يَحْتَالُ

حَتَّى غَدَوْتَ وَلِلأَخْبَارِ تَجْوَالٌ ... ولِلكَواكِبِ في كَفيْكَ آمالُ

النوال: العطاء، والنال: الكثير النوال، يقال: رجل نال: إذا كان كثير النوال، كما يقال رجل مال، إذا كان كثير المال، روى ذلك يعقوب، ولطفت: بلغت الغاية من الرفق.

فيقول، وهو يخاطب فاتكا: وكيف استر ما أوليتني من الفضل، وأغفل ما ألزمتني من الشكر، قد أفضت علي بحورا غمرتني من جودك، وحملتني أعباء أثقلتني من برك، يا أيها النال الذي لا ينقطع نواله، ولا يتأخر تطوله وإفضاله.

ثم قال: لطفت رأيك فيما فتحته لي من باب صلتك، وما خصصتني من ظاهر كرامتك، إن الكريم على العلياء محتال لا تعجز حيلته، ومجتهد لا تضعف نيته.

ثم قال: حتى غدوت بما أوليتني من فضلك، وما وجدت لي من إحسانك وبرك،

<<  <  ج: ص:  >  >>