للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيوفك عن مجالدته، فسطا عليك سطوة المالك لك، وغلبك غلبة المحيط بك.

ثم قال مشيرا إليه: بأبي الوحيد من الأنصار مع تكاثر جيشه، المفرد من الأصحاب مع توافر جمعه، الباكي على نفسه عند تيقنه بفناء عمره، ومن شر السلاح عند المدافعة، وأظهره تقصيرا عند المغالبة، البكاء الذي لا ينفع المستعمل له، والدمع الذي لا يغني المستظهر به.

ثم قال مؤكدا لما قدمه، وأجرى قوله مجرى لمثلك وإذا حصلت من سلاحك على الحزن، ومن أنصارك على الدمع، فحشاك تروع بحزنك، وخداك تقرع بدمعك، والبكاء الذي ترتقب نصرته هو الذي يقصر عليك مكروهه وسطوته.

وَصَلَتْ إليكَ يَدٌ سَواءٌ عِندَها البَازِيُ ... الأشَيهبُ والغُرابُ الأبقَعُ

مَنْ لِلمَحَافِلِ والجَحَافِلِ والسُّرَى؟ ... فَقَدَتْ بِفَقدِاكَ نَيِّراً لا يَطلُعُ

وَمَنِ اتَّخَذْتَ على الضُّيوفِ خَلِيفَةً؟ ... ضَاعوا وَمَثلُكَ لا يَكادُ يُضيَّعُ

الباز: معروف، والأشهب: الذي غلب البياض على لونه، والغراب الأبقع: الذي في صدره بياض، ذكر ذلك رواة اللغة، والمحافل: جمع محفل، وهو المجتمع، والجحافل: جمع جحفل، وهو العسكر العظيم، والسرى: سير الليل، والنيران: الشمس القمر.

فيقول، هو يردي فاتكا: وصلت إليك من الموت يد لا يفلتها ما تأخذه، ولا يفوتها ما تقصده، سواء عندها الشريف والمشروف، والقوي والضعيف، فعلها في الباز الأشهب مع كرمه ورفعته، كفعلها في الغراب الأبقع مع قبحه وضعته، وكذلك نالك منها أيها الرئيس المعظم، وأدركك من مكروهها أيها السيد المقدم، كالذي يدرك الخامل الذي لا قدر له، والساقط الذي لا يحفل به.

ثم قال متفجعا عليه: من للمحافل (في إرشاد جماعتها، والجحافل) في تصريف كتائبها، وللسرى عند انتهاز فرص الحرب، وطلب الغرة من الأعداء في الغزو؟

<<  <  ج: ص:  >  >>