للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التضوع: شدة الفوح.

فيقول مخاطبا للزمان، ومؤكدا لما قدم من ملامته: أبقيت من كافور أكذب من أبقيته من الكاذبين، وأسقط من غادرته من المتأخرين، وأخذت أصدق من يقول فلا ينكر صدقه، وأكرم من يسمع فلا ينكر فضله.

ثم قال، وهو يخاطب الزمان: وتركت من كافور الأسود، أنتن ريحة وأخبثها، وأحقها بالذم وأكرهها، وسلبت من فاتك أطيل مشموم تعيق ريحه، وأكرم مشهور يتضوع فوحه.

فَاليَومَ قَرَّ لِكُلِّ وَحشٍ نافِرٍ دَمُهُ ... وَكَانَ كَأَنَّهُ يَتَطَلَّعُ

وَتَصَالَحَتْ ثَمَرُ السِّياطِ وَخَيلُهُ ... وَأَوَتْ إليها سُوقُها والأذرُعُ

وَعَفَا الطِّرادُ فلا سِنَانٌ رَاعِفٌ ... فَوقَ القَنَاةِ ولا حُسَامٌ يَلمَعُ

التطلع: الاستشراف، وثمر السياط: العقد التي تكون فيها، وأوت: سكنت ورجعت، وعفا: درس وذهب، والطراد: التجاول في الحرب، والسنان: سنان الرمح، والراعف: الذي يقطر منه الدم، والحسام: السيف القاطع، ويلمع: يبرق.

فيقول: فاليوم قر بوفاة فاتك دم كل وحش نافر كان يتوقع اقتناصه وتصيده إياه، وكان ذلك الدم كأنه يحس بالسفك ويتطلع إلى الجري. يشير إلى أن فاتكا كان يلازم الصيد بمواصلته للغزوات، وتبديه في المهامه والفلوات.

ثم قال: والآن تصالحت بوفاته ثمر السياط وخيله التي كان يستعجلها في العدو، ويستكرهها على مطاولة الغزو، وأوت إلى تلك الخيل أذرعها وسوقها بغراحتها وصيانتها، وجمامها وإقامتها؛ لأنها تثنيها راقدة، وتصرفها على اختيارها وادعة، وكانت بحياة فاتك لا تنفك من عجل، وكأنها كانت من الخيل بمعزل.

ثم قال: وعفا الطراد بوفاة فاتك ودرس، فلا سنان بعده يرعف باستعماله في المطاعنة، ولا حسام يلمع بتصريفه عند المجالدة. يشير إلى أن فاتكا كان عماد

<<  <  ج: ص:  >  >>