للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمسامحة، والإمساك والمجاملة، ما يدعو إلى اتهام ذي القوة، واستضعاف من تشهر بالبأس والنجدة.

ثم قال: ولم يزل ما يغشانا به من نباشره من الولاة والمتوثبين، من قبح المعاملة، وقلة الإنصاف والمجاملة، يقطع ما بين المتواصلين، ويفرق ما بين المتعارفين، وأن كانوا ذوي أرحام واشجة، وقرابات لاصقة.

فَلاَ زِيادَةَ إلاَّ تُزورَهُمُ ... أيدٍ نَشَأنَ مَعَ المَصقُولَةِ الخُذُمِ

مِن كُلِّ قَاضِيَةٍ بالمَوتِ شَفرَتُهُ ... ما بَينَ مُنتَقَمٍ مِنهُ ومُنتَقِمِ

صُنَّا قَوائِمَها عَنهُمْ فَمَا وَقَعَتْ ... مَوَاقِعَ اللُّؤمِ في الأيدِي ولا الكَزَمِ

السيوف الخذم: القاطعة، الواحد خذوم، والقاضي: الحاكم، والكزم: قصر الأصابع.

فيقول: فلا بقية لنا عليهم، ولا زيادة بيننا وبينهم، إلا أن تزورهم بأيد باطشة، تصول بسيوف خذم ماضية، واصلتها في قديم النشأة، ووافقتها في حقيقة الجبلة، وأن كان في هذه العبارة زيادة على لفظ الشعر، فهي مفهومة من بنيته، محكوم عليها في حقيقته.

ثم قال على نحو ما قدمه: من كل سيف صارم تقضي بالموت شفرته، وتحكم به حدته، وتتصرف ما بين مطلوب ينتقم منه، وطالب تنطق سيوفه عنه.

ثم قال: صنا قوائم تلك السيوف عن المقصودين بها، وعلينا عليها المعرضين (لها)، وانفرادنا بها دونهم، وسبقنا إليها جميعهم، فلم تقع في أيديهم، في أيد لئيمة المخبر، كزمة قبيحة المنظر، وكزم اليد وخشونتها من دلائل الهجنة، ومقابح الخلقة.

هَوِّنْ عَلَى بَصَرٍ ما شَقَّ مَنظَرُهُ ... فإنَّما يَقَظَاتُ العَينِ كالحُلُمِ

ولاَ تَشَكَّ إلى خَلقٍ فَتُشمِتَهُ ... شَكوَى الجَريحِ إلى الغِربَانِ والرَّخَمِ

وَكُنْ عَلَى حَذرٍ لِلنَّاسِ تَكتُمُهُ ... ولاَ يَغُرُّكَ مِنهُمْ ثَغرُ مُبتَسِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>