للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال يمدح عبد العزيز بن يوسف الخزاعي، وكانت بينه وبينه صداقة أيام ينزل ببلبيس.

جَزَى عَرَباً أَمسَتْ بِبلبِيسَ رَبُّها ... بِمَسعَاتِها تَقرَرْ فَذَاكَ عُيُونُها

كَرَاكِرَ مِنْ قَيسِ بِن عَيلانَ سَاهِراً ... جُفونُ ظُبَاها لِلعُلاَ وَجُفُونُها

بلبيس: موضع معروف، المسعاة: مفعلة من السعي، وهو الاجتهاد في العمل، والكراكر: الجماعات، الواحدة كركرة، والظبا: جمع ظبة، وهو حد آخر السيف، والجفون: جمع جفن، وهو غطاء مقلة العين.

فيقول: جزى العرب المستقرين ببلبيس، هذا الموضع، ربها بمسعاتها الكريمة، وأفعالها المشكورة؛ لتقر بذلك عيونها، وتبتهج بالجزاء الجميل من الله نفوسها.

ثم أشار إلى عز هؤلاء القوم وقوتهم، وامتناعهم من الأعداء وكثرتهم، فقال: كراكر من قيس عيلان تسهر جفونهم وجفون سيوفهم في سبيل المجد، ولا ينامون عن ما يستكثرون به من الشكر والحمد. وأجرى الكلام على سبيل الاستعارة.

وَخَصَ بها عَبدَ العزِيزِ بنَ يُوسُفٍ ... فَمَا هُوَ إلا غَيثُها وَمَعِينُها

فَتىً زَانَ في عَينَيَّ أَقصَى قَبِيلَةٍ ... وَكَمْ سَيِّدٍ في حِلَّةٍ لا يَزِينُها

المعين: الماء الجاري على وجه الأرض، والحلة: الموضع الذي ينزله القوم، مجتمع فيه بيوتهم، والقبيلة: الجماعة من الثلاثة إلى ما فوق ذلك، إذا كانوا لأب واحد.

فيقول: وخص الله في هذه الجماعة بحسن الجزاء، وقبول ما قدمته من الدعاء، عبد العزيز بن يوسف؛ فأنه غيثها الذي يعمها فضله، ومعينها الذي ينالها رفده.

ثم قال: فتى زان في عيني أقصى قبيلته، وحسن عندي أحوال جماعته، ورب من يكون في الحلة التي تصغر عند مثلها القبيلة الحافلة، وتقل عند كثرتها الجماعة الوافرة، فلا يزينها بمشكور فعله، ولا يعمها بمرجو فضله.

<<  <  ج: ص:  >  >>