ثم قال مخاطبا لأهل مصر: أغاية الدين عندكم، وجملة الفضل في معتقدكم إحفاؤكم شواربكم، وتقبيحكم بذلك لمناظركم، وأنتم مع ذلك معرضون عن محنتكم بهذا العبد الأسود الذي ملك رقابكم، وأستذل خياركم، وهذه العبارة وأن كانت تزيد على لفظه، فهي معربة عن حقيقة قصده، ومفهومة عند تأمل شعره.
فيقول مشيرا إلى كافور: ألا فتى يورد السيف هامته فيقتله، ويبيع نفسه من الله في ذلك، ويهلكه ليزيل من أنفس الناس ما يلحقهم به من الشكوك والتهم، وتسقط عنهم ما يدركهم من الضلالات والفتن.
ثم قال: فإن تأمر مثل هذا الخصي الأسود، مع سقوطه وضعته، وعبوديته وخسته، حجة لأهل التعطيل والزيغ والقائلين بقدم الدهر، يؤذون القلوب بما في أمره من ظاهر المحنة، ويتسلطون بذلك على أهل التقصير والغفلة.
ثم قال: ما أقدر الله على أن يعاقب خليقته عن ذنوبهم بما شاء، دون أن يعجل لهم ما عجله من الخزي، وأن ينالهم ما نالهم به من الضر، وأن يكفيهم أمر كافور الذي قد صار من فتن الملحدين، وحدث به أشد المكاره على المسلمين.