للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ كُلِّ رِخو وكِاءِ البَطنُ مُنفَتِقٍ ... لا في الرِّجالِ ولا النِّسوانِ مَعدُودُ

أَكُلَّما اغتَالَ عَبدُ السُّوءِ سَيِّدَهُ ... أو خَانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ

صَارَ الخَصِيُّ إمامَ الآبِقِينَ بِها ... فالحُرُّ مُستَعبَدٌ والعَبدُ مَعبودُ

الوكاء: الرباط، واغتال: قتل على غفلة، والتمهيد: التوطئة.

فيقول مشيرا إلى كافور: من كل عبد قد نقص الخصاء رباط بطنه، واضطربت لذلك أعضاء جسمه، فهو كالمنفق الذي لا يملك نفسه، والمغلوب الذي لا يضبط أمره، لا يعتد به في الرجال ولا في النسوان، ولا يلحظ إلا بعين النقصان.

ثم قال مشيرا إليه: أكلما اغتال عبد السوء سيده؛ بخيانة وجناية يتقلدها، كان له في مصر عند كافور تمهيد يفزع إليه، وسند يعول إليه، يريد أن لؤم العبودية نسب بينه وبين شرار العبيد، فهم يقصدونه فيأمنون به، ويقتحمون جناياتهم على طريق التأميل له.

ثم قال: صار الخصي كافور في هذه البلدة إمام الآبقين، وملجأ للمذنبين، فالحر فيما قبله مستعبد بحريته، مستذل بعروبيته، والعبد كالمعبود لجلالة قدره، وما يعترف به من تعظيم حقه.

نَامَتْ نَواظير مِصرٍ عَنْ ثَعالِبِها ... فَقَدْ بَشِمنَ وَمَا تَفنَى العَنَاقِيدُ

العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بِأخٍ ... لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولُودُ

لا تَشتَرِي العَبدَ إلاَّ والعَصَا مَعَهُ ... إنَّ العَبِيدَ لأَنجَاسٌ مَناكِيدُ

النواظير: المخترسون، والبشم: غثيان النفس من الإفراط في الأكل، والأنجاس: الأقذار، الواحد: نجس، والمناكيد: المشائيم.

فيقول: نام المخترسون بفوائد مصر، والمعظمون لحرمتها، والمدافعون عن حوزتها، عن منع العبيد من ملكها، ودفعهم عن التغلب على أرضها، وكنى بالثعالب عن العبيد جنسهم، وضعتها في أنفسها. ثم قال: فقد أبشم تلك الثعالب

<<  <  ج: ص:  >  >>