للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المحتقر، يرتهن طاعة المتصلين به من أتباعه السقاط الأرذلين، الأدنياء المستضعفين. وسمى شفته مشفرا على سبيل الإستعارة، وأشار بذلك إلى قبح خلقها، وتفاوت عظمها، والمشافر من الإبل كالشفاة من الناس، ودل بما ذكره من ثقبها على أنه من جفاة السودان، وأهل الغباوة فيهم والنقصان.

ثم قال: جوعان بلؤم طبعه وما هو عليه من افتقار نفسه، فهو لا يفتقدني بشيء من بره، ويسلبني ما قد تزودت به إلى أرضه، ويمنعني مع ذلك من الرحلة، ولا يوجدني سبيلا إلى النقلة، لكي يقال أنه مقصود مؤمل الفضل، مرجو معظم القدر.

إنَّ امرَأً أَمَةٌ حُبلَى تُدَبِّرُهُ ... لَمستَضَامٌ سَخِينُ العَينِ مَفؤودُ

وَيَلُمَّها خُطَّةً وَيلُمِّ قَابِلِهَا ... لِمثلِها خُلِقَ المَهريَّةُ القُودُ

وَعِندَها لَذَّ طَعمَ المَوتِ شَارِبُهُ ... إنَّ المَنِيَّةَ عِندَ الذُّلِّ فندِيدُ

الأمة: المملوكة، والمستضام: المستذل، والسخين: العين الذي يبصر ما يكره، والمفؤود: الذي أصيب فؤاده. والفؤاد: القلب، وقوله: ويلمها: أراد ويل أمها، فحذف الهمزة استخفاف، وبنى الكلمتين: بناء واحدا، وحرك اللام بالكسر على كرحة ما بعدها، كما حركوا الميم في قولهم: أبنم على حركة ما قبلها، حين جعلوا الكلمتين كلمة واحدة، وحذفوا مستخفين، وكل ذلك مسموع من العرب، والمهرية: جمال تنسب إلى مهرة، وهم قبيل من العرب يستفرهون الإبل، ولذ: بمعنى استطاب وأستعذب، والقنديد: شراب يطبخ من عصير العنب يجعل فيه أفاويه.

فيقول، وهو يشير إلى كافور: أن امرأ يدبره خصي كالأمة الحبلى، كثير أكله، منتفخ بطنه، أسود لونه، لمستضام سخين العين، مفجع مصاب القلب، موقوف على غاية ما يكره، مدفوع إلى أشد ما يحذر.

ثم قال: ويلم تلك الخطة، ويلم القابل لها، وأبعدها الله، وأبعد الراضي لنفسه بها، فللفرار من مثلها، وطلب النجاة من نشرها، تكلف السفر البعيد، واستعملت المهرية

<<  <  ج: ص:  >  >>