للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَدْنَا الرُّهيمَةَ في جَوزِهِ ... وَبَاقِيهِ أَكثَرُ مِمَّا مَضَى

فَلَمَّا أَنخنَا رَكَزنَا الرِّماحَ ... فَوقَ مَكَارِمِنَا والعُلاَ

وَبَتنَا نُقَبَّلُ أسيَافَنا ... وَنَمسَحُها مِنْ دِماءِ العِدَا

الرهيمة: موضع معروف، وجوز الليل: وسطه، والركز: الغرز.

فيقول: وردنا الرهيمة في وسط الليل، وقد أمنا مخوف الطلب، وتخلصنا من محذور الغرر، والليل قد استقبلنا أكثره، واستبقينا معظمه، فنزلنا مستريحين، وحططنا رحالنا مطمئنين.

ثم قال: فلما أنخنا رواحلنا، وأرحنا ركائبنا، وتركنا الرماح استغناء عن احتمالها، وفارقناها غير محتاجين إلى اعتقالها، فركزناها فوق ما خلدناه من مكارمنا، وأثبتناها فيما اخترناه من المجد بنفاذ عزائمنا.

ثم قال: وبتنا نقبل أسيافنا التي استدفعنا بها ما حذرناه، ونمسحها من دماء القوم الذين حاولوا منا ما كرهنا.

لِتَعلَمَ مِصرُ وَمَنْ بِالعِرَاقِ ... وَمَنْ بِالعَواصِمِ أَنِّي الفَتَى

وَأَنِّي وَفَيتُ وَأَنِّي أبَيْتُ ... وَأَنِّي عَتَوتُ عَلَى مَنْ عَتا

وَمَا كُلُّ مَنْ قَالَ قَولاً وَفَى ... وَلا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسفَاً أَبَى

فيقول: أن الذي تكلفه بالخروج عن مصر من الخطر، وواقعه في مباينته لكافور من الغرر، إنما كان ليعلم رؤساء البلاد التي ذكرها، وسائر أهلها، أنه الفتى الذي لا يقر على الذل، والكريم الذي لا يصبر على الضيم.

ثم قال: وليعلموا أجمعون أني وفيت شاكرا على النعمة، وأبيت من احتمال الذلة، وعتوت على من عتا على من عتا علي وتكبر، وفارقت من عدل عن الإنصاف وتنكر، فجازيت المحسن بالاعتراف لفضله، وقابلت المسيء بمقارضته على فعله.

ثم قال: وما كل من يقول يفي بقوله، ويقف عند ما يعد به من نفسه، ولا كل من

<<  <  ج: ص:  >  >>