للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسام الخسف يأباه منكرا له، ويستدفعه غير مرتض به، فأشار إلى أنه فارق كافورا أنفة من الذل، ووفى له بما تقدم له في مفارقته من القول.

وَمَنْ يَكُ قَلبٌ كَقَلبِي لَهُ يَشُقُّ ... إلى العِزِّ قَلبَ التَّوى

ولا بُدَّ لِلقَلبِ مِن آلَةٍ وَرَأيٍّ ... يُصَدِّعُ صُمَّ الصَّفَا

وَكُلُّ طَرِيقٍ أَتَاهُ الفَتَى عَلى ... قَدَرِ الرَّجلِ فِيهِ الخُطَا

التوى: الهلاك، والآلة: الشدة والجرأة، والصفا: الحجر العظيم الأملس، والخطا: معروفة، واحدها خطوة.

فيقول: ومن يكن له قلب كقلبي في ثباته وقوته، وشجاعته وجرأته، يطلب العز وينافس فيه، ويحاوله ويحرص عليه، ويشق إليه الهلاك المحض، الذي لا يكاد يتخلص من مثله، ولا يبعد المنقحم فيه من الإشراف على التلف بنفسه.

ثم قال: ولا بد للقلب من إقدام وجراة، وجلد وشدة، ورأي راجح، وإدراك ثاقب، يدفعان الصفا بقوتهما، وينفذان فيهما بصحة نيتهما.

ثم قال: وكل طريق يأتيه الفتى ويسلكه، ويحتمل عليه ويركبه، على قدر ثبات رجله فيه وتمكنها، تتصل خطاه عند تنقلها. وهذا مثل ضربه لنفسه، وأعرب فيه عن نفاذ فعله، واخبر أن الإنسان إنما يكون تصرفه في قصده بمقدار ما يثبت عليه من صحة عقده.

وَنَامَ الخُوَيدِمُ عَنْ لَيلِنَا ... وَقَد نَامَ قَبلُ عَمىً لا كَرَى

وَكَانَ على قُربِنَا بَينَنا ... مَهَامِهُ مِن جَهلِهِ والعَمَى

الخويدم: تصغير خادم، وهو العبد المحبوب، والكرى: النوم، والمهامة: القفار، الواحد مهمه.

(فيقول) مشيرا إلى كافور، وصغر أسمه على سبيل الاحتقار له: ونام الخويدم عما أنفذناه في ليلنا، وأحكمناه من امرنا، في خروجنا عن ارضه، ونقصنا لما

<<  <  ج: ص:  >  >>