وقال في العبد الذي قتله:
أَعْدَدتُ لِلغادِرِينَ أَسيَافاً أَجدَعُ ... مِنهُمْ بهنَّ آنافَا
لا يَرحَمُ اللَّهُ أَرؤُسَاً لَهُمُ ... أطرنَ عَنْ هَامِهنَّ أَقحَافا
ما يَنقِمُ السَّيفُ غَيرَ قِلَّتهِمْ ... وأَنْ تضكُونَ المِئُونَ آلافَا
الجدع قطع الأنف والأذن، والهام: الرؤوس، الواحد هامة، والأقحاف: أعالي الجماجم، الواحد قحف، ونقم: بمعنى أنكر.
فيقول مشيرا إلى قتله العبد الذي حاول الغدر به: أعددت لمن أراد الغدر بي أسيافا صارمة، وعزائم قوية نافذة، وأجدع بتلك السيوف أنوفهم، وأقرب بتلك العزائم حتوفهم.
ثم قال داعيا عليهم: لا يرحم الله أرؤسا لهم اعتقدت الغدر، وأساءت الفعل، فأوجبت بذلك إطارة أقحافها، وتعرضت لما أفضت إليه من إهلاكها وإتلافها.
ثم قال: ما ينكر السيف إلا أنهم قليل لا يدرك بهم رغبة، يسير لا يلحقهم بمثلهم بغية، وبوده أن المئين منهم آلاف متكاثرة، وجماعات مترادفة.
يا شَرَّ لَحمٍ فَجعتُهُ بِدَمٍ وَزَارَ ... لِلخَامِعَاتِ أَجوافَا
قَدْ كُنتَ أُغنِيْتَ عَنْ سُؤالِكَ بي ... مَنْ زَجَرَ الطَّيرَ لي وَمَنْ عَافَا
وَعَدْتُ ذَا النَّصلَ مَن تَعرَّضَهُ ... وَخِفْتُ لَمَّا اعتَرَضْتَ إخلافَا
الخمع: العرج، والخوامع: الضباع، وهي توصف بالعرج، وزجر الطير: التفاؤل بها، والعيافة: التكهن على سبيل الزجر، والنصل: السيف.
فيقول مشيرا إلى العبد الذي قتله. يا شر لحم فجعته بسيفك دمه، وإعدام نفسه، فزار أجواف الضباع، وأصبح من أقوات السباع.
ثم قال، وهو يريده: قد كنت أغنيت عن أن تسأل بي غيرك، وأن تغالط في نفسك بما سلف لك معي من طول الصحبة، وما توليته لي من قديم الخدمة، ثم رجع إلى الاستفهام على سبيل التعجب، فقال: من زجر الطير لي مع ما كان عليه في جهتي