للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال في طريقه:

بُسَيطَةُ مَهلاً سُقِيتِ القِطارَا ... تَرَكْتِ عُيونَ عَبِيدي حَيَارَى

فَظَنُّوا النَّعَامَ عَلَيكِ النَّخيلَ ... وَظَنُّوا الصِّوارَ عَلَيكِ المَنَارَا

فَأمسَكَ صَحبِي بِأكوَارِهم ... وَقَدْ قَصَدَ الضِّحكُ فِيهمْ وَجَارَا

بسيطة: فلاة معروفة، والقطار: جمع قطر، والصوار: القطيع من بقر الوحش، والمنار: الصوامع، واحدتها منارة، والأكوار: الرحال، والقصد: الاستقامة في الشيء، والجور: الخروج فيه عن الواجب.

فيقول مخاطبا للفلاة: بسيطة مهلا! فيما كلفتنا من السير، ولازمتنا به من قلة النوم، فقد تركت عيون عبيدي حيارى في نظرها، غير متحققات للمرئيات عند تأملها.

ثم قال: فظن عبيدي عليك (أن) النعام نخيل؛ بما توالى عليهم من السير، وأن بقر الوحش صوامع؛ بما أتصل لهم من طول السفر. وأشار إلى أنهم يتمنون الخروج من تلك الفلاة إلى القرى المعمورة، لتطاولها عليهم، فكانوا يظنون نعامها نخيلا، وبقرها الوحشية منارا.

ثم قال: فأمسك صحبي بأكوارهم معتصمين بها، وعولوا عليها ملتزمين لها، وقد أخذ الضحك فيهم بحظه، وتجاوزوا فيه إلى أكثر مما عهد من أمره، وأشار بما ذكر إلى أنهم كاد أن يسقطهم الضحك عن رواحلهم، وأن يخرجهم بغلبته عن مواضعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>