للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتستقر وادعة، حتى تدرك بها ما تحاوله من الوحش، فنخضب فيما نعفره بعدوها، كإخضابها فيما تستقبله من رعيها.

وَلَكِنْ رَأَيتَ الفَضْلَ في القَصدِ شِركَةً ... فكانَ لَكَ الفَضلانِ بِالقَصدِ والفَضلِ

وَلَيسَ الذي يَتَّبَّعُ الوَبلَ رائِداً ... كَمَنْ جَاَءهُ في دارِهِ رائِدُ الوَبلِ

وَما أَنا مِمَّنْ يَدَّعِي الشَّوقَ قَلبُهُ ... وَيَحتَجُّ في تَركِ الزِّيارَةِ بالشُّغلِ

الشركة: لغة في الشركة، والوبل: المطر، والرائد: الذي يرسله القوم ليطلب لهم الكلأ.

فيقول مشيرا إلى دلير: ولكنك رأيت القصد لمن يعتقد قصدك، ومن أجمع على الرحلة نحوك، تشريكا بين ضربين من الفضل، واستكمالا لنوعين مشكورين من الفعل، فكان لك الفضل لما تكلفته من قصدك، وأكدت ذلك بما قرنته من إنعامك وفضلك.

ثم قال: وليس الذي يتبع الوبل مقتفيا لأثره، متكلفا للرحلة إلى كلأه، كمن جاءه الوبل وهو ناظر في منزله، وأحاط به الخصب وهو متودع في موضعه، أن فضل دلير كان مضاعفا؛ لأنه كفاه مؤونة الرحلة، وأعتمده بأوفر النعمة.

ثم قال: وما أنا ممن يدعي الشوق ولا يصدق ذلك بظاهر فعله، ويحتج في ترك الزيارة بما يترادف عليه من شغله. يشير إلى أنه لو تأخر عنه دلير، لم يقصر هو عن قصده، ولا كان ممن يقدر التأخر عنه على مثله.

أرادَتْ كِلابُ أَنْ تقومَ بِدَولَةٍ ... لِمَنْ تَرَكَتْ رَعيَ الشُّوَيهاتِ والإبِلِ؟!

أَبَى رَبُّها أَن يَترُكَ الوَحشَ وَحدَها ... وَأَن يُؤمِنَ الضَّبَّ الخَبيثَ من الأَكلِ

كلاب: قبيلة معروفة من قيس بن عيلان، كان الخارجي الذي قاتله أبو الطيب قبل إقبال دلير منهم، والضب: دابة تأكلها الأعراب.

فيقول: أرادت كلاب، هذه القبيلة الضعيفة الحال، المتأخرة القليلة المال، أن تقوم

<<  <  ج: ص:  >  >>