للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يغلب الضعف عليه، يقال: هزل فلان إبله يهزلها هزلا، إذا أضاعها حتى تهزل، روى ذلك أبو حاتم عن شيوخه، والسجايا: الخلائق، الواحد سجية.

فيقول، وهو يريد بني كلاب، هذه القبيلة: فمرت تريغ الغيث، وتطلب الخصب، وقد خلقت ذلك في البلاد التي نفاها عنها دلير، بخلافها على السلطان الذي جرده نحوها، وقلد مناصبتها وحربها، فصارت تطلب ما كان في أييدها وملكها وهي وادعة آمنة، بالانتقال والرجل وهي متوقعة خائفة. وأشار باليد والرجل إلى هاتين الحالين، وكنى بهما عن هاتين الطريقتين.

ثم قال: تحاذر على مالها الضياع والهزل، وتستسهل لأنفسها الصغار والذل، وأشهد أن الذل أشد من الهزل، وأن الصغار أوجع لقلوب الحرار من الفقر.

ثم قال: وأهدت إلينا بنو كلاب، بما أظهرته من العصيان، وما عملت به من خلاف السلطان، غير عامدة إلى ما أهدته، ولا قاصدة لما أوجبته من (قدوم) الأمير دلير، كريم الخلائق، مشكور المذاهب، يسبق في الإفضال فعله قوله، ويتقدم في الإحسان إنجازه وعده.

تَتَبَّعَ آثارَ الرَّزايا بِجُودِهِ ... تَتَبُّعَ آثارِ الأَسِنَّةِ بالفُتلِ

شَفَى كُلَّ شَاكٍ سَيفُهُ ونَوالُهُ ... مِنَ الدَّاءِ حَتَّى الثَّاكلاتِ مِنَ الثُّكلِ

عَفِيفٌ تَرُوقُ الشَّمسَ صُورَةَ وَجهِهِ ... فَلَو نَزَلَتْ شَوقَاً لَحادَ إلى الظِّلِّ

الرزايا: الفجائع، وآثار الأسنة: الجراح التي تحدثها، والفتل: معروف، واحدها فتيل، والنوال: العطاء، والثاكلات: المفجعات، والثكل: المصاب.

فيقول مشيرا إلى دلير: تتبع آثار الفجائع فسلى عنها بجوده، وتقصى بقايا المكاره فعزى عنها بفضله، وتلافى ذلك كما تتلافى جراح الأسنة بالفتل، التي تجبر خللها، وترفع عواديها وألمها.

ثم قال، وهو يريده: شفى من الداء كل من يتشكاه؛ فأذهب الآجال بسيفه، وقرب

<<  <  ج: ص:  >  >>