خاتمي خنصري الذي يألفه، وباشر منه غير ما كان يعرفه. وثنى الخاتم مشيرا إلى خنصريه، واستغنى بذكر أحدهما عن ذكر صاحبه، إشارة إلى ما قدمه من تثنية الخاتم، معولا على ما أسند إليه من فهم السامع.
ثم قال: أعطى الزمان فلم أقبل عطاءه الذي بذله، وأراد لي فلم أقنع بمراده الذي مكنه، ورغبت عمن أصحبنيه من الأمراء، وأرشدني إليه من الرؤساء، وتخيرت سيدهم وعمدتهم، وصراحهم وغرتهم، وأشار بذلك إلى ابن العميد الذي اعتمد بمدحه، وآثره بقصده.
لَو كُنتُ أَفعَلُ ما اشتَهَيتِ فَعَالَهُ ... ما شَّقَّ كَوكَبُكِ العَجَاجَ الأكدَارَا
أرجان: بلد من بلد فارس، فيه كان ابن العميد، والجياد: السراع من الخيل والإبل، والوشيج من الرماح: ما التف عند نباته، وكوكب الركب: جماعتهم ومعظمهم، والعجاج: الغبار، والأكدار: المظلم.
فيقول مخاطبا لإبله: أرجان أيتها الإبل! اعتمديها بقصدك، وأسرعي نحوها بجهدك، فإن السابق لك والناهض نحوها بك، عزمي المستحكم الذي يكسر وشيج الرماح بقوته، ويغلبه بنفاذه وشدته.
ثم قال، وهو يخاطب إبله: لو كنت أفعل ما يوافقك مثله، ويكون على حسب اختيارك فعله، ما تجشمت بك ركوب القفر الذي تواصلين قطعه، ومحاولة البعد الذي تعتمدين قصده، ولا يشق كوكبك العجاج الذي تثيرينه في سيرك، وتقتحمينه بمبلغ جهدك.