للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول، وهو يريد إبله: أمي أبا الفضل الذي أبره به قسمي الذي قدمته، وحلفي الذي اعتقدته بقصد جوده، واعتماد فضله، وهو البحر الذي يصغر كل بحر عن مماثلته، ويقصر عن مساواته ومكافأته، ولا يتضمن كجواهر علمه، ولا يظهر كالذي يظهره من كرمه وفضله.

ثم قال: أفتى الأنام أجمعون بالبدار إلى رؤيته، وأشاروا فيما خص الجميع عليه، أو مقصرا عن إتيان ما ندب ذوو الألباب إليه.

صُغْتُ السِّوارَ لأَيِّ كَفٍّ بَشَّرَتْ ... بِابنِ العَمِيدْ وأَيِّ عَبدٍ كَبَّرا

إنْ لَمْ تِغُثِنْي خَيلُهُ وَسِلاحُهُ ... فَمَتَى أَقُودُ إلى الأعَادِي عَسكَرَا؟

يقول: صغت السوار لتحلية الكف المشيرة إلى ابن العميد، الذي قصدت نحوه، ويممت أرضه، وأعددت نفيس الرغائب، ورفيع المواهب، لأي عبيدي كبر محيلا على رؤيته، مستصحبا بضياء غرته.

ثم قال: إن لم تغشني خيله مغيثة منجدة، وسلاحه ناصرة مؤيدة، فمتى أقود إلى الأعادي عسكرا أتكثر بقوته، وجمعا أسطو عليهم بما أسند إليهم من نصرته؟!.

بِأَبِي وأُمِّي ناطِقٌ في لَفظِهِ ... ثَمَنٌ تُبَاعُ بِهِ القُلُوبُ وتُشتَرَى

مَنْ لا تُرِيهِ الحَربُ خَلقَاً مُقبِلاً ... فِيها ولا خَلقٌ يَرَاهُ مُدبِرا

خَنثَى الفُحولِ مِنَ الكُماةِ بِصَبغِهِ ... كا يَلبَسُونَ مِنَ الحَديدِ مُعصفَرا

خنثى: أسم أخذه من خنثى، والخنثى: الذي يكون له ما للرجل والمرأة، والكماة: الشجعان، واحدهم كمي، والمعصفر من الثياب: ما صبغ بالحمرة وما أشبهها.

فيقول، وهو يشير إلى ابن العميد: بأبي وأمي ناطق في براعة نطقه، وما يظهره من البلاغة في لفظه، ثمن تتملك به القلوب فتباع وتشترى بمثله، ويتحكم عليها بما يتضمنه من حسنه.

ثم قال: وهو يريده، من لا تريه الحرب خلقا يقدم فيها على مواجهته، ويقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>