متعرضا لمنازلته، ولا خلق من الناس يراه مدبرا عن حربه، مقصرا عما يحاول فيه من إنفاذ أمره.
ثم قال:(خنثى الفحول من الكماة)؛ أي: صيرهم كالخناثى، لعجزهم عن مجالدته، وضعفهم عن شدة مطاعنته، وبما أجراه من دمائهم عن الدروع التي يتحصنون بالتستر بها، والجواشن التي يقدرون الامتناع بآلاتها، فيعصفرها بما يجريه من دمائهم، ويحصنها بما يسيل عليها من جراحهم.
فيقول، وهو يريد الممدوح، مشيرا إلى الكتابة التي كانت صناعته: يتكسب ضعيف قصب الأقلام من الشرف بخطه، وما يتقيد به من متخير لفظه، ما يقصر عنه صم الرماح مع شدة أسرها، ولا تبلغ أقله مع جلالة أمرها، وتفخر الأقلام عليها بما يتخيره من الكتاب بها، وما لا يزال عليه من استعماله لها.
ثم قال مشيرا (إلى أقلامه): ويبين فيما مس بنانه من قصب الأقلام تيه المتكبر، ويظهر عليه زهو المتبختر، فلو مشى ذلك القصب لتبختر في مشيه، ولو تصرف لاستبان الاختيال في فعله.
يا مَنْ إذا وَرَدَ البِلادَ كِتَابُهُ ... قَبلَ الجُيوشِ ثَنَى الجُيوشَ تَحَيُّرا
فيقول، وهو يريد الممدوح: يا من إذا ورد البلاد كتابه ورسله، وأنتشر فيها إرادته وأمره، ثنى تلك الجيوش من قبل أن يردها بجيشه، وفرق جموعها دون أن يقتحم عليها بجمعه.