ثم قال: أنت الوحيد فيما تحاوله، الذي لا نظير لك، والفريد الذي لا يقترن أحد بك، ومن الذي يكون رديفك فيما تفعله، ورسلك فيما تبلغه، وأنت فيما تركبه من الهول، وتستهله من متعذر الفعل، كراكب الأسد الذي لا تؤمن سطوته، والمستذل له وإن كانت تحذر صولته.
فيقول، وهو يخاطب الممدوح: تناول الرجال القول من قبل وقته، وقصدوه من غير وجهه، وتناولته أنت وقد نور وحسن، وتكامل وتمكن، يريد: أنه حاوله غير مستكره له، واقتدر عليه اقتدار عالم به.
ثم قال: فهو المتبع بالمسامع حرصا على الاستكثار من حسنه، والمتضاعف البهجة عندما يقع من تكرير لفظه. يشير إلى أن الناس يجتهدون في تحفظ ذلك الكلام لموضعه من الحكمة والبراعة، ويعجبون بتكريره لتقدمه في الحسن والبلاغة.
ثم قال مخاطبا له: وإذا سكت معولا على كتابتك، وأخذت في تسطير خطابتك، فأن أبلغ خطيب يقله منبره، ومتكلم يشتمل عليه محضره، قلم أقلته في الكتابة أصابعك، ونهضت به في الخطابة أناملك.