للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدروع والسلاح.

فيقول على نحو ما قدمه: وأبلغ الكلام رسائل قطع العداة سحاءها، ونشروا مدمج طيها، فتبينوا فيها من فخامة لفظك، وشاهدوا من جزالة قولك، ما قام عندهم مقام السلاح في التهيب لفعله، وناب منابه فيما يتوقع من أمره.

ثم قال، وهو يريده: فدعاك حسدك الرئيس غير مستبدين، وأقروا لك بذلك، فعل مضطرين، ودعاك من أنصفك في قوله، ووفاك حقك في وصفه؛ الرئيس الأكبر غير مدافع، والعميد الأعظم غير منازع.

ثم قال: ونطقت صفاتك بتصديق منصفك، وخلفت أفعالك مقال معظمك، كالخط يملأ مسمعي من أبصره، اعتبارا دون محاورة، ويناديه بما تضمنه تدنوا من غير مكالمة.

أرَأَيتَ هِمَّةَ نَاقَتِي في نَاقَةٍ ... نَقَلَتْ يَدَاً سُرُحاً وَخُفّاً مُجمَرا

تَرَكَتْ دُخَانَ الرَّمْثِ في أَوطَانِهِ ... طَلَبَاً لِقَومٍ يُوقِدونَ العَنبَرا

وَتَكَرَّمَتْ رُكُبَاتُها عَنْ مَبرَكٍ ... تَقَعانِ فِيهِ وَلَيسَ مِسكَاً أَذفَرا

اليد السرح: الخفيفة، والخف من الجمل: كالحافر من الفرس، والمجمر: الصلب، والرمث: ضرب من أشجار بلاد العرب، والعنبر: معروف، والمسك الأذفر: الذكي الرائحة.

فيقول مشيرا إلى الممدوح: أرأيت كهمة ناقتي في سائر النوق، المجتازة للرحل، والإبل المداومة للسفر، المتنقلة بالأيدي الخفيفة السريعة، والمتصرفة بالأخفاف الشديدة الصلبة.

ثم أشار إلى ناقته، منبها على ارتفاع همتها، وموقفا على جلالة بغيتها، فقال: تركت بلاد العرب رغبة عن ضيق عيشها، وتشحطها لافتقار أهلها، وتكرها لدخان الرمث وما شاكله من الشجر الذي توقد به العرب نيرانها، وتحتطبه في

<<  <  ج: ص:  >  >>