للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول: نحن بأرض فارس في سرور قد عم، وشمل وكمل، وصباح يوم النوروز ميلاد ذلك السرور وأوله، وباعثه وموجبه، فالآمال منبسطة، والفرحات متصلة، والنعم سابغة، وأعين الحوادث نائمة.

ثم قال، وهو يريد النوروز: وقد أوجبت ممالك الفرس تعظيمه، وأظهرت إجلاله، حتى صارت أيام العام تحسده على رفعته، ولا تساويه في شرف رتبته.

ما لَبِسْنَا فِيهِ الأَكَالِيلَ حَتَّى لَبِسَتْها ... تِلاعُهُ وَوِهَادُهُ

عِندَ مَنْ لا يُقَاسُ كِسرَى أَبو سَاسَانَ ... مُلكَاً بِهِ ولا أَوْلادُهُ

عَرَبِيٌّ لِسَانُهُ فَلسَفِيٌّ رَأيُهُ ... فَارِسِيَّةٌ أَعيَادُهُ

الأكاليل: العصائب المنظومة بالجوهر، واحدها إكليل، والتلاع: أماكن مرتفعة يجري فيها الماء من الجبال، واحدها تلعة، والوهاد: مطمئنات من الأرض، واحدتها وهدة.

فيقول مشيرا إلى النوروز: ما لبسنا فيه الأكاليل، وما يقع موقعها من معلمات العمائم، ومزينات العصائب، مختلفين في حسن الهيئة، مشتملين بفاخر الكسوة، حتى لبست تلك الملابس تلاع فارس ووهادها، بما أبدته من أزاهير الروض، وأظهرته من بدائع النور. يشير إلى أن النوروز إنما يكون في الوقت الذي تتزين الأرض فيه لمبصرها، وتروق بما تبديه من غرائب زخرفها.

ثم قال مشيرا إلى ابن العميد ممدوحه: عند من لا يقاس به أبو ساسان، ولا سائر الأكاسرة من ولده، في سلطانه وجلالته، ونفاذه وسياسته، وما رفعه الله من قدره، وتكفل به من إعلاء أمره.

ثم قال مشيرا إليه: عربي اللسان فصاحة وإبانة، فلسفي الرأي حكمة ودراية، فارسي الأعياد كرما وسيادة، يشمل من ملكه بفضله، ويرضيه بقوله وفعله.

كُلَّما قَالَ نائِلٌ: أنَا مِنهُ سَرَفٌ، ... قَالَ آخرٌ: ذا اقتِصَادُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>