للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَيفَ يَرتَدُّ مَنْكِبِي عَنْ سَمَاءٍ ... والنِّجَادُ الذي عَلَيهِ نِجَادُهُ؟!

الاقتصاد: التوسط في الأمور، والنجاد: محمل السيف.

فيقول مشيرا إلى ابن العميد: كلما قال نائل من بذله، ومشهود من فضله، أنا إسراف فيما قصدت به، وغاية من الكثرة فيما اعتمدت له، أردف ذلك من جوده ما يزيد عليه ويغمره، ويجعله في حيز القصد ويصغره.

ثم قال وهو يريده: كيف يرتد منكبي عن رفيع من المواضع، وجليل من المراتب، والسيف الذي نجاده عليه من عطاياه ومواهبه، وما خصني به من فواضله؟! يشير إلى أنه خلع عليه سيفا أبان به ما يراعيه من أمره، ووصفه أبو الطيب فيما يتصل بهذا من شعره.

قَلَّدَتْنِي يَمِينُهُ بِحُسَامٍ ... أَعقَبَتْ مِنهُ واحِداً أَجدَادُهُ

كُلَّما استُلَّ ضاحَكَتْهُ إيَاةٌ ... تَزعُمُ الشَّمسُ أَنَّها أَرآدُهْ

مَثَّلوهُ في جِفْنِهِ الفَقدِ ... فَفِي مِثلِ أَثْرِهِ إغمَادُهْ

الحسام: السيف الصارم، والأعقاب: مأخوذة من العقب، وهو ولد الرجل، وإياه الشمس: ضوءها، والأرآد: الأنوار، واحدها رأد، وأثر السيف: فرنده.

فيقول، وهو يشير إلى الممدوح، ويذكر السيف الذي وهب له: قلدتني يمينه بسيف، فرند في جنسه، وجيد في جلالة قدره، وأعقبته السيوف المتقدمة منه في الأزمان الخالية، والمده الطوال الماضية، واحدا لا نظير له، وغريبا لا يقترن شيء من السيوف به.

ثم قال منبها على كرم جوهره، وشرف عنصره: كلما أسئل ضاحكته إياة من أراد هذا السيف الظاهرة، وأنواره المشرفة البادية، وأن الشمس، مع أنها أصل الضياء، مضافة إليه، وعيال في الإشراق عليه.

ثم قال مشيرا إلى السيف الذي قدم ذكره: مثلوه في جفنه كلفا به، واستحسانا له؛

<<  <  ج: ص:  >  >>