فيقول مشيرا إلى تقصيره عن واجب الشكر، وتعديد ما أحاط به من الفضل: هل لعذري عند أبي الفضل الهمام الكبر، والرئيس الأكرم: موضع من تقبله، وحظ من تجوزه، فاجعل مداد كتابي بذلك العذر سواد عيني، إكراما له، وأبدر إلى ذلك وإلى مثله، إعجابا به.
ثم قال على نحو ما قدمه: أنا من شدة الحياء؛ لتأخري عن ما يلزمني لهذا الرئيس، كالعليل المخول الصحة، ردي الألم، المغلوب القوة، إلا أن مكرمات الذي أعلتني فواضله، بعجزي عن وصفها، وأخجلتني بتقصيري عن حقائق حمدها، تعودني متتابعة، وتتعاهدني متوالية، فلست أدري أي طريق أسلك إليها من الشكر، ولا كيف أقاوم كثرتها بجميل النشر؟!.
ثم قال: ما كفاني تقصير شكري عن فضله، وتأخر ما أبدعه من الشعر عن رفيع قدره، حتى أردف ذلك بانتقاده، الذي يقل كل إحسان عنده، وامتحانه الذي يغلب كل اجتهاد عفوه، فكيف لي بما يرضي ثاقب درايته، ويثبت على انتقاده مع سعة إحاطته؟!.
إنَّني أَصيَدُ البُزاةِ وَلَكِنْنَ ... أَجَلَّ النُّجومِ لا أصطَادُهْ
رُبَّ ما لا يُعَبِّرُ اللَّفظُ عَنهُ ... والَّذي يُضمِرُ الفُؤادُ اعتِقَادُهْ
فيقول: أنني أصيد البزاة؛ يشير إلى أنه يبرز على المبرزين في الشعر، ويتقدمهم في بدائع النظم، وأجرى الكلام على الاستعارة، ثم قال: ولكن البازي مع ما هو عليه من النفاذ في الصيد، والتقدم في ذلك لأكثر صنوف الطير، لا ينال النجوم ولا يدركها، ولا يصيدها ولا يلحقها، وكذلك ابن العميد في فضله، وما آثره الله به من جلالة قدره، ولا يمكنني تعديد مكارمه، وأنا أقاوم بشعري ما أبانه الله من